عناصر الدرس :                                                                 

1 / تمهيد: نظرة عامة عن تاريخ العلم.       

2 /  ما العلم   و نشأته.                    

3 / أساليب العلم.                      

4/  إشكالية تطور العلم  تفاعلات العلم و المجتمع.   

كفاءات المبحث الأول :                                                     

1)   الكفاءة المعرفية :                                                                                  

تمكين الطالب من التعرف على التفكير العلمي وخصائصه عبر التاريخ والوقوف على تطوره ، وذلك بمقارنته  مع باقي المعارف .

2) الكفاءة السلوكية :

جعل الطالب يمتلك صفات الروح العلمية التي يتميز بها أي باحث أو عالم في إتخاذ المواقف.

 

 : مقدمة

 

: تاريخ العلوم 

تاريخ العلوم هو تخصص يغطي تطور العلم من العصور القديمة حتى الزمن الحاضر.كما أنه . ويشمل تاريخ العلوم  جميع الفروع الثلاثة الرئيسية للعلوم الطبيعية والإجتماعية والشكلية. كما أنه يعني  توصيف وتقويم حركة العلم عبر مراحله التاريخية المتعاقبة، وهو مسألة تعني أيضا الوقوف على عوامل تقدم أو تعثرالعلم  من جوانب عدة  .

تميز تاريخ العلوم :

يتميز تاريخ العلوم عن تاريخ الأحداث الماضية  الأخرى المتعلقة  بالأشخاص والحضارات والمجتمعات بأنه يتكون دائما من حقائق قابلة للتحقق والإختبار والإستنتاج وإذا ما توافرت لها نفس الظروف، أو أتبع في إستنتاجها نفس الأسلوب وسرد الحقائق وفقاً لمحور أساسي يضمها ويجذبها إلى مسار له إتجاهه الخاص. ذلك لأن الحقائق العلمية ليست كلها على درجة متكافئة من الأهمية والدلالة عندما يتناولها المؤرخ العلمي بالتحليل والتفسير في أي عصر من العصور، من هنا تتضح أهمية تاريخ العلم في صياغة نظريته العامة وفلسفته الشاملة، حيث يستحيل إنفصال العلم عن تاريخه. بإعتباره عملية ممتدة خلال الزمان.

أهمية تاريخ العلوم :

إن أهمية متابعة حركة العلم عبر مراحل تطوره التاريخية مسالة جد مهمة بالنسبة إلى كل طالب متعلم يسعى لأجل لتحصيل المعرفي السليم الخالي من كل غموض وبهتان. فتاريخ العلم يمكننا من ربط طبيعة تفكير كل مجتمع براهنه ولحظته المؤسسة والمشكلة له .

إن تاريخ العلم مجال عصرنا ولقد أدت الوتيرة المتزايدة في مجال التقدم العلمي والتنمية الصناعية، إلي محاولة إثارة العقول حول الترابط الوثيق القائم بين تطور هده الفروع المختلفة لنشاط البشر، وبين المظاهر الأخرى لتاريخ الحضارات.

إن تاريخ العلم له إرتباط قوي براهنية العلم ذاته، فهو يتتبع  خطواته بحذر وإنتباه وباندفاع في الوقت ذاته وكثيرا ما يجد لنفسه تدعيما من طرف معارف أخرى تم إكتشافها مع نهاية النصف الأول من القرن العشرين وعلى رأسها : الابيستمولوجيا بإعتبرها فلسفة تنقد االمعارف العلمية التي أنتجها العلماء وهي تحاول إنقاد بين الفينة والأخرى العلم من الإنسداد من فرط ما يحدث له من تراكم يحول دون تحرك العلم بصورة طبيعية.  

      ليس تاريخ العلم مجرد ذاكرة للعلم، وإنما هو مخبرا ابيستيمولوجيا   ولقد أكد العالم سانت ايغي  قائلا:  أن ننجز تاريخا للعلم هو أن نضع الروح البشرية في تجربة وأن ننجز نظرية تجريبية حولها . ولقد حدد أوغست كونت  معنى Microscope Mental تاريخ العلم جاعلا منه مجهرا عقليا.

 إن تاريخ العلم قريب من العديد من المعارف الفلسفية والعلمية، ومن التاريخ العام للعلم  ولا يمكننا أبدا الإنفتاح على حقيقته إلا حينما تسعى من أجل إستيعاب هذه المعارف أيضا، وفهم العلاقة بين مختلف المجالات المعرفية والعلمية، فلا ينبغي أن تدرس هذه المقياس ونحن  تتنكر ونجهل ما قدمه السابقون من إختراعات وإكتشافات متعددة المناحي، كما أننا  ستجد أن تاريخ العلم موضوع مهم وأساسي لكونه يفتح لنا مجالا لإستثمار قدراتنا المعرفية والمعلوماتية التي هي بحوزتنا ، ويضعنا أمام إختبار لحقيقتها فتتمكن من إدراك الحق منها من الباطل، الفاسد منها من الصالح ،الخطأ منها من الصواب، وهو – أي تاريخ العلم – بالإضافة إلى ذلك يدرج ضمن النشاط الثقافي للبشرية، السياسي والإقتصادي والإجتماعي،  كما لا ينبغي أن تنسى أن تاريخ العلم وهو يأخذ بكل هذه الإتجاهات وسيبدو لنا كأحد أهم الأسس التي ساهمت في الأنسنة العلمية الجديدة التي Humanisations scientifiques أصبحت تراعي الجانب الإنساني في الإنسان ، وتمكن هذا الأخير من فهم وتفسير الظواهر التي تحدث أمامه، بعيدا عن كل تأويل غيبي أو تأملي أو خرافي .                                         

لقد أصبح العلم ومنذ القرن السابع عشر أي منذ إكتشاف المفكر الإنجليزي التجريبي فرانسيس بيكون  للمنهج التجريبي، أصبح يحمل صبغته الإنسية بعد أن كان يحمل صبغته الخرافية والفلسفية والدينية.

  

: ماذا يعلمنا تاريخ العلم 

1- إن التفكير العلمي لم يعرف انفصاله المطلق والنهائي عن المعرفة السابقة عنه خاصة الفلسفة وتصوراتها.

 2 - إن أكبر الثورات العلمية حددت دائما إنطلاقا من الإنقلابات والتحولات الجذرية التي مست  المفاهيم الفلسفية.                                                                                                                                              

3- إن التفكير العلمي لا يحدث له تطورا إلا من داخل إطار الأفكار للمبادئ الأصلية، البديهيات الأولية التي تم اعتبارها من خصوصيات الفلسفة،  كفكرة إطلاقية المكان والزمان عند هي نفسها  كانت متواجدة لدى نيوتن. .E.Kant الفيلسوف الألماني (1854 ت) ايمانويل كانت .

 

ما العلم ؟:

العلم لغة هو مصدر لكلمة" علم "وعلم الشئ عرفه، ورجل علامة أي عالم جدا، ويعود الإختلاف في ضبط مفهوم العلم إلى تعدد موضوعاته وطبيعته وهذا ما جعل  كار ل برسون  يرى أن ميدان العلم غير محدد، فكل مجموعة من الظواهر الطبيعية، كل طور من أطوار الحياة الإجتماعية وكل مرحلة من مراحل التطور القديم أو الحديث   كل ذلك يعتبر مادة للعلم.

إن العلم على حد قول H Butter  Field طور جديد من المعرفة، وإتجاه فكري جديد  إستوجب البحث   في أسسه فضلا عن أنه إستوجب دراسات جديدة ومناهج مبتكرة، لمعالجة ظواهر  المجتمع ومشكلاته ولعل أكثر ما يشدده  بيتر فيلد   في تصوره للعلم هو حدوث ثورة علمية أكيدة، وتغيرات جذرية في ميدان العلم ذاته وفي تشكيله وإعادة تشكيل الحياة الاجتماعية ذاتهاالعلم مجموعة الخبرات الإنسانية التي تجعل الإنسان قادرا على التقدير، أو أن العلم بصفة عامة هو كل بحث عن الحقيقة يحدث ويجرى منزها عن الأهواء والأغراض، يعرض الحقيقة صادقة بمنهج يرتكز على دعائم أساسية أخي الطالب إن التفكير الذي يفكر في النتائج العلمية يسمى تفكيرا علميا، تمييزا له عن باقي  أنواع التفكير التي ظهرت منذ بدئ التفكير البشري .

التفكير العلمي :

 التفكير العلمي هو كل دراسة تعتمد منهج الملاحظة الحسية والتجربة العملية وهو درب من دروب التفكير البشري، ظهر في القرن السابع عشر وهو يتناول الظواهر في خصوصيتها، أي في أجزائها وليس في  علتها ويستهدف وضع قوانين لتفسيرها بالكشف عن العلاقات التي تربط بينها وبين غيرها من الظواهر. ويعتبر F.Bicon أحد أبرز المفكرين  المساهمين في تأصيل التفكير العلمي ، مؤسسا  أصول المنهج العلمي، وقد مهد  لمنهجه التجريبي في كتابه الآلة الجديدة الذي ألف ه سنة 1626. وفي هذا الصدد يقول العالم البيولوجي كلود برنا رد المتوفى سنة 1878  في كتابه الرئيسي" مدخل إلى الطب التجريبي": إن التجربة  يسبقها تدبير لظروفها، ولإيجادها لأن تصميم التجربة ليس إلا توجيه سؤال يراد الإجابة عنه ، ولا يكون السؤال إلا بعد وجود فكرة تتطلب الجواب.

      إن القول بأن العلم بمعناه الأكاديمي غربي التأسيس، لا يعني أبدا أننا نقصي إسهامات باقي البشرية، إذ نجد هذه الأخيرة قد حاولت بدورها فهم ظواهر الطبيعة والقيام بتفسيرها، ومنه فالحضارات الأولى فكرت هي الأخرى في  ظواهر العالم على الرغم من إختلاف تفسيراتها والتي لم تكن في الغالب دقيقة ، وربما يعود سبب عدم التأكيد على دقة علوم الحضارات الأولى إلى عدم إمتلاكها منهجا صارما بإعتبار المنهج  كما يشيرSarton سارتون  مؤرخ العلوم، هو بمثابة مفتاح تطور العلم .

      لما سبق سيكون من الضروري الوقوف عند ذكر أهم الأهداف التي يسعى العلم إلى تحقيقها، ولعل أبرزها  هو التوصل إلى:      

 

صياغة النظرية:  والنظرية هي بنيان من المفاهيم المترابطة، والتعريفات والمقولات التي تقدم نظرة نظامية إلى الحوادث بواسطة تحديد العلاقات بين المتحولات، بهدف تفسير الحوادث والتنبؤ بهاو التحكم بمعالجة الأوضاع والظروف التي ظهر يقينا أنها تحدث الظاهرة  بشكل يتيح والقدرة على التحكم تزداد كلما زاد الفهم، ومنه تزداد القدرة أكثر على التنبؤ، ويضاف إلى ذلك أن نجاح التحكم في الظاهرة وتكرره هو في الوقت ذاته إختبار لمدى سلامة الفهم والتفسير، ومقدار  صحة التنبؤات بخصوص الظاهرة الخاضعة للمتابعة التجريبية.

قد عرف العلم منذ القرن السادس عشر بفضل مساهمة مجموعة من العلماء، تطورات عملت بالتدريج  على تخليص البحث العلمي  في الطبيعة من آثار طرق ومضامين البحث في العصر الوسيط، ومن هؤلاء العلماء الذين ساهموا في هذه التطورات أسماء بارزة يذكرها الفيلسوف الألماني ايمانويل كانت كوبرنيك، غاليلي، كبلرو نيوتن  .....لقد عملت هذه الأسماء على   تطوير مزدوج للعلم وهدفه وطريقته  وأكثر التعبيرات الجذرية وأشملها أنسنة العلم بإخضاعه humaniser la science  لأهداف الحياة الإنسانية.