المستوى: سنة ثانية علم النفس العيادي الدرس الرابع مادة: علم النفس المرضي
مفهـــــــــــــــــــــــــوم البنيــــــــــــــــــــــــــــة
يعتبر مفهوم البنية من بين المفاهيم التي وضعها جون بارجوري (1974) (رغم أن هذا المصطلح ذكر من قبل من عدة محللين نفسانيين) حيث ربط مفهوم البنية بمفهوم السواء واللاسواء، والتركيز على نقطة العبور بين السواء واللاسواء، فالشخص السوي يمكن أن يصبح غير سويا في أي لحظة والرجوع إلى نقطة التثبيت الأولى في مراحل النمو الجنسي للطفل (النكوص)، وبالتالي فان البنية هي المصطلح الموجه لهذه الاضطرابات والتحولات التي تحدث للشخص ويركز على خط الهشاشة الفاصل بينهما.
أولا: تعريف البنية:
البنية هي نوع التركيب الخاص بالكائنات او الاجسام، فنوع التركيب هو الذي يحدد نوع البنية.
يعرف بارجوري (2006)البنية على أنها مقصورة على العناصر الأساسية للشخصية، على الطريقة التي يتم بها تنظيم هذه الشخصية. يُنظر إلى بنية الشخصية من ناحية، كأساس مثالي للترتيب المستقر لعناصر الاضطراب النفسي المستمرة والضرورية في موضوع مافي حالة مرضية أم لا، تتكون البنية من خلال هذه المكونات الميتاسيكولوجية العميقة والاساسية للشخصية الثابتة في تجمع مستقر ونهائي.(فالبنية تنظيم ثابت ونهائي لمكونات ميثاسيكولوجية).
وفي هذا الصدد يقول "فرويد": (اذا سقط بلور من الكريستال فإنه لا ينكسر باي حال من الاحوال بل حسب خطوط الضعف والقوة التي حدثت عند تكوينه وهي خاصة بكل جسم. وهذه الخطوط تبقى خفية حتى ينكسر البلور او يوضع تحت جهاز خاص). وبالنسبة لبنية الشخصية فانها تسلك نفس المدرج.
ولا يمكن باي حال من الاحوال ان نعرف البنية او نحدد معالمها (بوضع تشخيص على سبيل المثال) الا في مرحلتها النهائية، اي بعد اكتمال نسيجها في مرحلة الرشد سواء غلب عليها الطابع الشاذ، أو العناصر السوية.
ثانيا: مفهوم البنية بين العادي والمرضي:
يرى بارجوري أن مفهوم العادي أو السوي يتمثل في الحفاظ على مفهوم "الحالة الطبيعية" والتي تتميز بحالة من السعادة أو الكفاءة الوظيفية السليمة داخل بنية ثابتة سواء كانت عصابية أو ذهانية، في حين أن المرضي يتوافق مع انكسار أو انهيار توازن داخل نفس خط البنية. فربط بارجوري بين مسألة السواء واللاسواء بمفهوم البنية، مركزا على فكرة هشاشة الخط الفاصل بينهما إذ أن الفرد السوي يمكن أن يصبح في أي لحظة لا سويا أو يفقد التوازن (يتعطل، ينكسر) (déconpensé.
لذا يركز بارجري على مفهوم الانكسار (déconpensé) فيقول:"إن "الانكسار" يتوافق مع كسر التوازن الأصلي الذي تم تأسيسه في مثل هذا الترتيب المعين، ضمن بنية مستقرة أساسا.
لذا وضع بارجوري ثلاث بنيات أساسية في الشخصية، البنية العصابية والبنية الذهانية، كما ترك مجالا بين البنيتين لكيانات اكلينيكية أخرى، التي تتميز بتنظيم أقل صلابة والتي لا يمكنها تكوين بنية أصلية، والتي تقع بين العصاب والذهان وأطلق عليها البنية الحدية.
ثالثا: تكوين وتطور بنية الشخصية:
يرى بارجوري في هذا المجال أن تكوين وتطور بنية الشخصية تمر بثلاث مراحل أساسية نذكرها كالتالي:
- في المرحلة الأولى:تبدأ هذه المرحلة من الحالات الأولية لذات الطفل وفي مرحلة عدم التمييز الجسدية والنفسية،ثم تتطور شيئًا فشيئًا، حيث يحدث التمايز بشكل تدريجي حتى يتم تمييز الذات عن غيرها من الذوات(بخروج الانا من الهو). في هذا تحت تأثير النضج والعناية الامومية. وهنا اذا كانت الظروف الداخلية والخارجية مضطربة فيحدث تسجيل لخطوط ضعف في هاته الفترة او نقطة تثبيت كما يقول "فرويد" .
1. في المرحلة الثانية: يوجد بالفعل نوع من "التنظيم المسبق" الأكثر تحديدًا، نظرًا لخطوط القوة التي تحددها من ناحية البيانات الوراثية والخلقية التي لا يمكن إنكارها، ومن ناحية أخرى تجارب الموضوعية (العلاقة بالموضوع) المتعاقبة (دلالة على تطور الليبيدو وتقدم سيرورته) فتتنظم الرغبات شيئا فشيئا فتنمو الذات ومنه الأنا. العلاقات مع الوالدين هي بطبيعة الحال تبقى شيء أساسي في العلاقة بالموضوع، ولكن بشكل تدريجي وفقًا للظروف تضاف علاقات مع الأشخاص الآخرين في السياق الاجتماعي والتعليمي. كل هذا ينعكس على النمو النفسي من خلال الصراع، والإحباط، والصدمات، ولكن أيضا تأكيدات الاتكالية والتماهيات الإيجابية. تبدأ الدفاعات في التنظيم وأكثر مرونة حيث تقوم مناورات الأنا من خلالها بشكل متتالي لمواجهة التهديدات الناشئة من الداخل والخارج سواء من خلال الواقع أو الغرائز.
وهكذا يتم تشكيل مرحلة ثالثة، مما يؤدي إلى بنية شخصية حقيقية أو بمعنى آخر أنا حقيقي، فيمكن أن يتكيف أو لا يتكيف، وفقًا لخط التنظيم البنائي الثابت. طالما أن الأفراد لديهم بنية مستقرة عصبية أو ذهانية ولا يتعرضون لأحداث داخلية أو خارجية مفرطة، ولا يتعرضون لصدمة عاطفية شديدة، لن يصبحوا "مرضى" في حين تبقى بنيتهم ذهانية أو عصبية، ما دام لم يحدث ذلك فـ"الكريستال" مزال متماسك وجيد. وبين هاتين البنيتين يوجد ما يسمى بالحالات البينية وتضم كلا من: الامراض السيكوسوماتية، السيكوباتية والانحرافات الجنسية وهي لا تكتسي تنظيم وثبات البنية بل هي تنظيمات قابلة للتغيير.
سادسا: مكونات بنية الشخصية:
مكونات بنية الشخصية تتحدد المكونات الميثاسيكولوجية الأساسية لبنية الشخصية حسب ما تشير إليه بدرة معتصم ميموني، 2005) في (ميسوم ليلى:2013/2014) بخمسة أبعاد، ويكون التشخيص على أساس هذه المكونات:
-1- مستوى نكوص الليبيدو والانا
-2- نوع القلق
-3- نوع العلاقة بالموضوع
-4- طبيعةالصراع
-5- الآليات الدفاعية الاساسية