المستوى: سنة ثانية علم النفس                            الدرس الثاني: مادة علم النفس المرضي

تعريف علم النفس المرضي

 

علم النفس المرضي أو علم النفس الشواذ عامة هو العلم الذي يدرس السلوكيات غير الطبيعية أو الشاذة، فيشير مصطلح " علم النفس المرضي" بشكل عام إلى أنماط السلوك غير المتكيف والمشاكل السلوكية التي تتداخل مع بعض جوانب التكيف.

لغة psychopatholgy تنقسم الى psycho  وتعني النفس أو الروح و patholgy وتعني علم الأمراض هو دراسة الأمراض والتغيرات التي تحيد عن الحالة الطبيعية المفترضة. وبالتالي الكلمة اصطلاحا تعني العلم الذي يدرس الاضطرابات والعاهات والمشاكل النفسية والعقلية من الناحية الوصفية السببية وإعطاء تفاسير لها.(Kristine Krapp et al, 2001 :1 ;Agnès Bonnet & Lydia Fernandez, 2017 :14).

 

ويعرفه جاليت (1998) على أنه دراسة الاضطرابات النفسية والأمراض العقلية والأداء العقلي غير الطبيعي، والسلوك المرضي. وهو ينظر في ظواهر النشاط النفسية الشاذة من وجهة نظر وصفهم وتصنيفهم وآليات فهمهم وتطورهم.

يُعرّف مينشال (1997) علم النفس المرضي بأنه العلم الذي يدرس المعاناة النفسية. يرتبط ارتباطا مباشرا بدراسة العقل البشري ومنهج علم النفس السريري والطب العقلي والطب النفسي.(Agnès Bonnet & Lydia Fernandez, 2017 :14).

 

    ويعرفه Bergeret (2003) بأنه دراسة الجانب النفسي واضطراباته بهدف تشخيص وتصنيف الاضطرابات النفسية وأسبابها وصراعات الشخص الداخلية أو الخارجية في سعيه للتكيف.

    ويهتم علم النفس المرضي بجميع أنواع الاضطرابات التي تعيق توافق الفرد مع بيئته الاجتماعية سواء كانت هذه الاضطرابات  وجدانية، عقلية، سلوكية أو نفسوجسدية، والتي تؤدي بالفرد لفقدانه العلاقة المتوازنة بمحيطه جزئيا أو كليا.Jeffrey et al,2009 :10)

    كما نجدبيدينيلي (2009) يعتبر علم النفس المرضي جزءًا نظريا من علم النفس السريري الذي يعرفه بأنه "فرع علم النفس الذي يهتم بدراسة وتقييم وفهم وتشخيص ومساعدة ومعالجة ذوي المعاناة نفسية، مهما كان مصدرها ".(Agnès Bonnet & Lydia Fernandez, 2017 :15).

    وتشير (Akman, 2011 :02)  بأن علم النفس المرضي إنما يتم من خلال ثلاث مواضيع:

- الدراسة: من خلال تحليل الاضطراب

- الوصف: بإعطاء تمثيل للاضطرابات والتطرق لإشاراتها الإكلنيكية.

- التفسير: بطرح التفسير على مستويات مختلفة، كفرضيات حول كيفية حدوث الاضطراب والابعاد التي تستند إليها، فهي بالتالي بحث عن أصل الاضطراب من منظور السببية المعقدة في خط مستمر.

 

المرجعية النظرية لعلم النفس المرضي:

    يعتبر فهم التوظيف النفسي من الأمور المعقدة كونه يعتمد على عوامل متباينة ومتداخلة فيما بينها، لهذا سخرت نماذج عديدة لفهم الأعراض في علم النفسي المرضي، من خلال النظريات المفسرة والتي لا يمكن الاستغناء عنها في فهم وتوجيه النشاط العيادي ومساندة التكفل العلاجي:

1- المقاربة البيولوجية لعلم النفس المرضي: عادةً ما تنسب النظريات البيولوجية أعراض الأمراض النفسية إلى تشوهات البنية العضوية للجهاز العصبي، أو الكيمياء الحيوية والفيزيولوجية العصبية. فيمكن أن يكون سبب تشوهات البنية العضوية للجهاز العصبي بسبب اختلال جيني، أو المرض، أو إصابةأي منطقة معينة من الدماغ أو التلف تؤثر على الأعراض التي يظهرها الأفراد. وتعزو العديد من النظريات البيولوجية المرض النفسي إلى الاختلالات في الناقلات العصبية أو إلى عمل مستقبلات الناقلات العصبية.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

 

2- المقاربة الوراثية لعلم النفس المرضي: توحي النظريات الوراثية إلى وجود خلل وراثي عادةً،وأن الأمر يتطلب تراكمًا للجينات المختلة (المعيبة) للتسبب في أمراض نفسية. والأبحاث مازالت قائمة للكشف عن جينات محددة والتي تسبب الاضطراب النفسي .(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

3- المقاربة السلوكية لعلم النفس المرضي: النظريات السلوكية للاضطراب النفسي ترفض مفاهيم النزاعات اللاشعورية وتركز فقط على المكافآت والعقوبات في البيئة التي تشكل السلوك وتحافظ عليه. فالسلوك المضطرب هو سلوك متعلم يتعلمه الفرد من بيئته وفق قانون الاشراط (الكلاسيكي/ الاجرائي) أو ملاحظة السلوك والنتائج المترتبة عليه.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

 

4- المقاربة المعرفية لعلم النفس المرضي: تهتم النظريات المعرفية بالوظائف المعرفيةللأفراد (مثل الادراك والذاكرة والأفكار ونظام المعتقدات) فالوظائف المعرفية تؤثر على السلوكيات وانفعالات الفردوالتي تتفاعل مع المواقف المحدثة لها، كما انها في تفاعل متبادل التأثير.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

 

5- المقاربة التحليلية لعلم النفس المرضي: تركز النظريات الديناميكية لعلم الأمراض النفسية على الصراعات اللاشعورية التي تسبب القلق لدى الفرد وتعود إلى السلوك غير القادر على التكيف. فرأى"فرويد" بأن هذه النزاعات تنشأ عندما تتصادم رغبات الهو مع قيود الأنا والأنا الأعلى حيث يستخدم الأفراد أنواعًا مختلفة من آليات الدفاع للتعامل مع النزاعات الداخلية للهو. تحدد الطريقة التي يتعامل بها مع الطفل من خلال المراحل النفسية الجنسية والمخاوف أو المشكلات التي قد يصاب بها الطفل، كما يركزون على تطور البنية المرضية في مراحل النمو الجنسي لدى الأطفال من خلال التثبيت في مرحلة من المراحل.

    ونجد علماء النظريات الديناميكية الأكثر حداثة يركزون بشكل أقل على دور الرغبات اللاشعورية وأكثر على تطوير مفهوم الذات للفرد في سياق العلاقات الشخصية. فهم يرون دورًا أكبر للبيئة في تشكيل الشخصية ولديهم أمل أكبر في التغيير خلال مرحلة البلوغ أكثر من فرويد.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

 

6- المقاربة الإنسانية لعلم النفس المرضي: تشير النظريات الإنسانية إلى أن جميع البشر يسعون لتحقيق إمكاناتهم من أجل الخير وتحقيق الذات. ينشأ عدم القدرة على تحقيق إمكانات الفرد من ضغوط المجتمع للتوافق مع توقعات الآخرين وقيمهم.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

7- المقاربة النسقية الاسرية: ترى نظريات ومعالجات النظم الأسرية على أن الأسرة نظام معقد بين الأشخاص، له تسلسل هرمي وقواعد تحكم سلوك أفراد الأسرة. عندما يعاني أحد أفراد الأسرة من اضطراب نفسي، فإن منظري أنظمة الأسرة لا يرون ذلك مشكلة داخل الفرد بل كدليل على وجود نظام عائلي مختل وظيفيًا.تجمع مناهج الموجة الثالثة عمومًا بين الأساليب والنظريات من الأساليب المعرفية والسلوكية والممارسات المستمدة من التأمل الذهن البوذي لمساعدة الناس على قبول الأفكار والعواطف المؤلمة وتنظيمها بشكل أكثر صحة.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

 

8- المقاربة الثقافية الاجتماعية لعلم النفس المرضي: تشير النظريات الاجتماعية والثقافية إلى أن الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية والتمييز والاضطرابات الاجتماعية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الصحة العقلية لدى الأفراد. الثقافات لها قواعد ضمنية وصريحة فيما يتعلق بأنواع السلوك غير الطبيعي التي تسمح بها.(Susan Nolen-Hoeksema -McGraw-Hill, 2019 :56).

 

9- المقاربة الانفعالية لعلم النفس المرضي: تهتم هذه النظرية بدراسة الجوانب الانفعالية والعاطفية للفرد وتأثيرها على الصحة النفسية والجسدية، وبالتالي فإن كل من الانفعالات والوظائف المعرفية والفيزيولوجية هي في تفاعل دائم ومستمر . (David H. Barlow, 2014).

 

10- المقاربة الحيادية أو التصنيفية لعلم النفس المرضي: وتشير إلى المقاربة اللانظرية والتي تحدث عنها "لينيسكو"، تعتمد على تصنيف الاضطرابات تحت نظام نظري متعدد أو حيادية، مثل الدليل الاحصائي والتشخيصي للجمعية الامريكية للطب العقلي، أو التصنيف العالمي للأمراض للمنظمة العالمية للصحة. (A.P.A, 2013).

Last modified: Friday, 24 October 2025, 11:49 AM