التصنيف في علم النفس:
مفهوم التصنيف:
يشير سبيتزر و ويلسون (1975) أن التصنيف هو عملية التقليل من تعقد الظواهر بترتيبها في فئات طبقاً لبعض المعايير الموضوعة لهدف واحد أو أكثر. فالأشياء المختلفة والمصنفة والقابلة للتمييز حين تكون متساوية فإنها تجمع في فئات.
أما Wolf,1929 وMartin1977 ينظران للتصنيف على أنه شكل من أشكال تكوين المفهوم، يستخدم كلما بذلت محاولات للسيطرة على البيئة وهو أساس اللغة، فكل الأسماء تقوم بتعريف الفئات، وهو سمة للمراحل الأولية في كل علم والتي يقوم خلالها الباحثون بمحاولة ترتيب بياناتهم عن طريق تصنيف ملاحظاتهم.
وقد أشار Westmeyer,1998 أن التصنيف في علم النفس الإكلينيكي يُعد واحداً من النشاطات الأساسية، فإلى جانب الاضطرابات النفسية التي يتم تضمينها في منظومات التصنيف، يمكن أيضاً تصنيف الأدوات والأساليب العلاجية وكذا تصنيف تأثيرات المعالجة من حيث تأثيرات رئيسية وأخرى جانبية أو تأثيرات مرغوبة وغير مرغوبة.
وبناءا عليه فإن مفهوم التصنيف نقصد به هو ذلك الترتيب الذي يجمع مجموعة من الخصائص والصفات المتشابهة فيما بينها ويضعها في فئة مرضية معينة. مثلاً شخصين تتشابه أعراضهما المرضية، حيث يعانيان اضطرابات على مستوى المزاج من حيث الحزن، نقص الاهتمام والمتعة، اللامبالاة، المحاولات الانتحارية... يتم تشخيصهم ووضعهم في فئة اضطرابات المزاج وخاصة منها الاكتئاب.
مصطلحات ومفاهيم أساسية في علم تصنيف الاضطرابات:
هناك عدد من المصطلحات المتداخلة فيها بينها يجب تحديدها وضبطها ضبطاً دقيقاً والتي تعتبر ضرورية في مجال علم النفس المرضي حسب ما أوضحه ((Gasser,2006 ) (Akman, 2011 وهي كالتالي:
1/- السيميولوجية/ الأعراضية: La Sémiologie أول خطوة يقوم بها المختص أثناء المقابلة العيادية. اقترحه De Saussure في مجال العلوم الإنسانية حتى يميز بينه وبين السيميائية Sémiotique في علم اللغات.
يرتكز على البحث عن الإشارات Signes التي تساعد على وصف الاضطراب من خلال الملاحظة الدقيقة للإشارات والأعراض في الحالات الباثولوجية والتظاهرات الإكلينيكية لخلل التنظيم، ويتم خلال الفحص السيميولوجي البحث عما يختبره الفرد ذاتياً وما يتظاهر به خارجياً لمعاشه (السلوك).
2/- العرض: Symptôme يشير إلى الإنتاج العفوي المستثار عند المريض، يعبر عن الجانب الملاحظ من الاضطراب. أما الإشارات Signes ترمي إلى الظواهر الواضحة (العرض) التي تمكننا من معرفة ما هو كامن.
هناك من الباحثين ما يميز بين العرض والإشارة حيث تشير الإشارة إلى المظهر الموضوعي الملموس لحالة مرضية باثولوجية، أما العرض فيشير إلى الشكاوي الشخصية الذاتية التي يتقدم بها المفحوص، وهو ما أكدوا عليه مؤلفوا DSM أي أن العرض يحدد في الشكاوي الذاتية ويشمل الإشارات الموضوعية لحالة باثولوجية. في حين فرويد Freud يرى أن العرض يتضمن بعداً لا شعورياً، وهو ترجمة للصراع النفسي، ولا يمكن له أن يكون لوحده إشارة لنمط البنية أو التنظيم النفسي للفرد.
3/- زملة الأعراض/ التناذر: Syndrome مجموع الإشارات والأعراض المتلازمة التي تسير جنباً إلى جنب، ويشكل تلازمها واقترانها مع بعضها البعض تظاهرة مرضية قائمة بذاتها.
4/- الإيتيولوجية/ السببية: étiologie يبحث عن أصل الاضطراب في الحياة الخاصة للمريض أي البحث هن مسار ظهور الاضطراب ونشأته.
5/- النزوغرافيا: La nosographie: وصف امبريقي للأعراض التي تؤدي إلى الاضطرابات لأجل تصنيفها من خلال خصائصها الوصفية (جنسها، فئتها، ترتيبها، فئتها). فهو عبارة عن تسجيل للأعراض في منظمة الفهم العام للاضطرابات النفسومرضية.
6/- النزولوجيا nosologie La: و تسمى أيضا taxonomie أي علم التصنيف أو التبويب و يشير إلى نظام تصنيف الإشارات الباتولوجية بإعطاء مرجعية للاضطرابات في علم النفس المرضي وتبويبها classification. يستدعي مرجعية نظرية عن أسباب الاضطراب والتغييرات الباثولوجية التي تميز المرض. و للإشارة؛ فإن الأعراض يمكنها أن تبعث لعدة وحدات نفسومرضية، و يمكن لعرض واحد أن ينتمي للعديد من الجداول العيادية.
يشير (إ.م.كزلز،2011،ص65) إلى النزوغرافيا بأنها نوع معين من التصنيف –تصنيف الوحدات المرضية في الطب- أما دراسة المبادئ العامة للتصنيف فهي العلم الذي يبحث في التصنيف أو علم التصنيف (النزولوجيا).
7/- التشخيص Le diagnostic: التشخيص أساسا عبارة عن فرضية. ولكن ليست تأكيد نهائي في أي حال من الأحوال، وليست إلصاق بطاقة "étiquetage" لا رجعة فيها. فالتشخيص يبقى مفتوحا للمناقشة وإعادة طرح التساؤلات إن استدعى الأمر، أو حتى نفي ما تم طرحه عندما تستجد أمور في الفرد المشخص. فهو يشير لسيرورة أخذ القرار لنسب شخص ما إلى فئة نوزولوجية محددة وفقا لمجموعة من المعايير المحددة.
8/- وهناك مصطلح يجب التمييز بينه وبين التصنيف ألا وهو التسمية، التي هي عبارة عن مجموع الأسماء أو التشخيصات أو العناوين التي تطلق على الأفراد أو المجموعات للإشارة على أنهم يشتركون في خصائص مرضية. فالتسمية مصطلح يشمل الأعراض وزملاتها أما التصنيف فهو من يندرج ضمنه الأفراد أو الجماعات المتشابهة في فئات يُنظر لها كوحدات.
آخر تعديل: الخميس، 30 أكتوبر 2025، 10:25 AM