v    النظرية السلطوية

الجذور التاريخية للنظرية: تعد هذه النظرية أقدم النظريات التي بدأت منذ ظهور الاتصال الجماهيري، حيث ظهرت في انجلترا في القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين، ولم يزل لها وجود ملحوظ في العديد من دول العالم الثالث ذات النظم السياسية الفردية.

وتسند هذه النظرية إلى فلسفة السلطة المطلقة للحاكم أو لحكومته ويظهر ذلك في نظريات أفلاطون، أرسطو، مكيافيلي، وهيغل.

وفي إطار هذه النظرية تم التحكم في وسائل الإعلام وفي وظائفها وممارستها بشكل كامل من جانب الحكومة، وذلك في إطار الفلسفة الاجتماعية والسياسية، التي تسود المجتمعات السلطوية إن لم نقل التسلطية، والتي تغلب المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية.

ووفقا لفلسفة المجتمع السلطوي فإن الأفراد يختلفون في قدراتهم العقلية ومهاراتهم الفكرية، وهذه الاختلافات تنعكس واقعيا في البناء الاجتماعي. فالمفكرون والفلاسفة يمثلون موقعا اجتماعيا بين الحكام كمستشارين لهم. وتنتقل المعرفة إلى المجتمع عن طريق الحكومة ( السلطة تنطلق من أن المجتمع قاصر لا يميز بين ما يضره وما ينفعه، وعليه يجب أن تتكفل به السلطة وتختار في مكانه (.

ومن هذا المنطلق يرى مناصرو النظرية السلطوية أن وسائل الإعلام يجب أن تخدم مصالح السلطة السياسية من أجل توطيد سياسة الحكومة أو الحاكم، أي أن وسائل الإعلام تستمد شرعيتها وشرعية نشاطها من طرف السلطة السياسية، التي تحدد لها أطر المحافظة على الاستقرار الاجتماعي ووضع التغيير كنقطة نهاية لشرعيتها. 

2 - أسس ومبادئ نظرية السلطة:

     يرى مناصرو هذه النظرية من أمثال أفلاطون أن المجتمع المثالي هو ذلك الذي تمارس فيه الحكومة سلطتها بهدف توحيد البنية الثقافية والسياسية للحصول على استقرار اجتماعي، وبالتالي للسلطة كل الصلاحيات للتحكم في الوسائل الإعلامية من أجل تحقيق هدفها المنشود.

وعليه فقد بنيت هذه النظرية على عدة مبادئ وأسس نذكر منها :

1.تنبع هذه النظرية من فلسفة الحكم المطلق ( الحق الإلهي ) للملك أو الحكومة أو للاثنين معا.

1-    تجسد نظاما إعلاميا ساد في بريطانيا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. وكان له انتشار كبير، ولا يزال هذا النظام موجودا في العديد من مناطق العالم.

2-    هدف الإعلام فيها دعم الحكومة القامة والإسهام في تنفيذ أنشطة الدولة.

3-    يستطيع ممارسة الإعلام كل من يحصل على رخصة من قبل السلطة بشكل عام.

4-    الرقابة مشددة، من خلال التحكم بمنح الرخص للأفراد، أو من خلال احتكارات معينة، أو من خلال هيئات مختصة، أو رقابات مختلفة.

5-    يحظر في هذه النظرية توجيه أي نقد من أي نوع للجهاز السياسي الحاكم أو لأي شخص يحتل موقعا في السلطة.

6-    ملكية الصحف يمكن أن تكون عامة أو خاصة. 

7-    وضع قائمة من العقوبات تتراوح شدتها بين السجن والإعدام لكل من خالف الإجراءات.

3 - العلاقة بين الإعلام والسلطة:

     نحن نفهم السلطة باعتبارها القوة أو القوى التي تهيمن على أي جماعة بشرية وتدير شؤونها، بصرف النظر عن تعدد أشكال هذه السلطة أو تنوع تصنيفاتها ومستوياتها واختلاف أيديولوجياتها.

ونفهم الإعلام باعتباره عملية تبادل الأنباء والمعلومات والآراء والأفكار داخل أي مجتمع إنساني كما يشمل أيضا سائر مضامين ومخرجات وسائل الإعلام.

ومن المهم لكي نفهم طبيعة العلاقة بين الإعلام والسلطة أن نعرف أيهما بدأ التأثير في الآخر، خاصة وأن ظهور أحدهما في المجتمع الإنساني توافق مع ظهور الآخر، إذ بمجرد أن تكونت الجماعة البشرية ظهرت الحاجة إلى السلطة، كما ظهرت الحاجة أيضا إلى الاتصال بين أفراد الجماعة، وهو ما يعني أن التأثير كان متبادلا بين السلطة والإعلام، ولكن العلاقة سرعان ما تغيرت واختلفت موازينها عندما جنحت السلطة إلى الهيمنة على شؤون الجماعة.

آخر تعديل: الثلاثاء، 25 نوفمبر 2025، 7:02 PM