v النظرية الاشتراكية الشيوعية:
جاءت في هذه النظرية كرد فعل مضاد للنزعة الفردية المتطرفة والتي اتسمت بها النظرية التحريرية إبان ازدهارها في القرن الثامن عشر، فقد ولدت هذه النظرية من رحم المظالم التي ترتبت على النزعة الفردية الجامحة.
وقد انطلقت هذه النظرية لتعبر عن فلسفة الدولة و المجتمع بعد الثورة البلشفية التي وصلت إلى السلطة عام 1917 بقيادة لينين، ويطلق عليها بالنظرية البلشفية وهذه النظرية طبقت في الإتحاد السوفييتي سابقا والدول التي كانت منضوية تحت عباءة الاشتراكية، ومن هنا فإن النظرية الشيوعية تتصادم كليا مع النظرية الليبرالية، حيث اعتبر منظرو النظرية الشيوعية بأن النظرية الليبرالية ما هي إلا حرية الطبقة أو الطبقات التي تحكم، بالتالي لا توجد حرية خالصة وبالتالي فهي حرية البرجوازية والبرجوازيين الذين يملكون الصحف وليست حرية الجماهير الذين يقرؤون الصحف أو يشاهدون ويستمعون لوسائل الإعلام.
لقد انطلقت هذه النظرية في ظروف الصراع السياسي والاجتماعي الحاد للصحافة والإعلام في البلدان الاشتراكية وركزت هذه النظرية على شؤون الصراع الطبقي – السياسي، وهذا هو الغالب على اتجاهه ثم أخذت المواضيع الاقتصادية تحل محل المواضيع السياسية بعد الاستقرار السياسي الذي شهدته الكتلة الشرقية أو الاشتراكية عقب الحرب العالمية الثانية، وأصبحت المهام الرئيسية تتمثل في وظيفية التثقيف وتنشيط التطور في المجال الاقتصادي، أخذت تهتم بالترفية والتعليم ونشر الثقافة.
هذا وتنطلق النظرية الشيوعية أصلا من الفلسفة الماركسية والتي أسس ووضع منهجها الفكري "كارل ماركس" فهو الأب الروحي للفلسفة الماركسية، ووليدتها الشيوعية التي تهدف إلى إقامة مجتمع شيوعي تتحقق فيه العدالة من خلال سيطرة الحركة العالمية والكادحين على الحكم وقد طبق الشيوعيون شعارهم الإعلامي على النحو التالي: "يا عمال العالم اتحدوا!
و من هذا المنطلق فإن النظرية الشيوعية تنطلق من الأسس التالية :
- المنهج الجدلي المادي:
فقد استعار "كارل ماركس" مفهوم المنهج الجدلي من الفيلسوف "هيجل" الذي صاغ المبادئ الأساسية لهذا المنهج، وكانت نقطة الانطلاق من فكر "هيجل" في الاعتقاد بوجود المتناقض في طيات الأشياء والأفكار، وأن الاعتقاد بوجود التناقض هو حجر الزاوية في فهم الحقيقة فكل إثبات للحقيقة يحمل في نفس الشيء نفيا لها ومن خلال النقيضين يتولد التآلف يقرب الإنسان إلى فهم الحقيقة .
ولكن هذا الميلاد المتآلف عنوان للحقيقة بل تآلف نسبي وتظل النسبية سائرة في توليد الفكرة و نقيضها إلى أن نصل إلى الحقيقة المطلقة الخيالية من التناقض والتي هي أشبه بفكرة الألوهية.
فالجدلية إذن عبارة عن الفكرة ونقيضها، ثم تآلف ما بين النقيضين تحتضن الحقيقة بينهما، ولكن عندها تتعرض الحقيقة لفحص أدق نجد أنها لا تتصف بالكمال فتبدأ العملية من بنفيها ونقيضها، ثم يجرى التوفيق بينهما بتآلف جديد للنقيضين، وبهذه الطريقة المثلية يمضي الفكر حتى النهاية إلى المطلق.
وعندئذ يمكننا أن نواصل التفكير إلى ما لا نهاية دون أن نشهد أي تناقض، ومن ثم يطلق على اصطلاح الجدلية عملية التنازع والتوفيق التي تجري ضمن الواقع ذاته داخل الفكر الإنساني بشأن الواقع.
وقد ربط مفكرو الماركسية الجدلية بخمسة قوانين هي قانون الارتباط والتطور والكم والكيف، والتناقض هذا سنتناوله في هذا الموضوع بالتفضيل لاحقا.