1-    إن مسألة اختيار موضوع البحث، يجب أن تنطلق من المبادرة الذاتية لجديدة لباحث التاريخي وتنبثق من ميوله العلمي الخاص. فقد يتم اختيار القضية مثلا نتيجة الصدفة، كأن يكتشف أثناء الحفريات الأركيولوجية عن أمر جديد أو فتح مستودع للوثائق كان ممنوع فتحه أو عثر عليه فجأة، وبذلك يوضع تحت تصرف التاريخ توثيق جديد يثير الفضول العلمي ثانية ويوجه البحث. وهذا كثير في التاريخ القديم، حيث الوثائق النادرة، وكل وثيقة جديدة مرحب بها، ويفتح أبواباً جديدة للبحث ويثير قضايا جديدة.س

2-   أن يتم اختياره ذاتيا، وإذ ما أرشده أستاذه أو باحث آخر لمعلومات أو موضوعات معينة، فإنه عليه أن يناقشها بنفسه ويحدد ما يراه مناسبا منها.

3-   إن يتوخى في اختياره أن يكون الموضوع ذا مغزى بالنسبة للماضي والحاضر

4-   أن يلاقي الموضوع حباً من الباحث حتى يقدم على البحث بشوق ولهفة ويتحمل صعابه ومشقاته بالجد والصبر وحب الباحث للموضوع المنتقى بدقة بالرغبة الصادقة والمخلصة في كشف جوانبه الغامضة بموضوعية، والوصول إلى الحقيقة. وفي هذا المجال لا يهم أن يكون الموضوع منتقدا أو منسجماً مع عقيدته أو عواطفه، مدام حب الباحث لذاته، وابتغاء الحقيقة هو هدفه المحدد لسير عمله.

5-   أن تكون المشكلة المطروحة جديدة لا في عنوانها فحسب بل في مضمونها. بمعنى آخر تضيف جديداً في المعرفة التاريخية. سواء كانت في مجال التوقيت أو التركيب. فعلى الباحث أن يتساءل: ألم يبحث في الموضوع من قبل بحثاً تاريخياً علمياً؟. وإن كان قد بحث، هل استوفى جميع النواحي؟. وهل هناك نواقص معينة؟. وما هي؟. وقد يعيد بعض الباحثين بعض الموضوعات طرحت سابقا إذا وجدت أصول تاريخية جديدة، وإسقاط أضواء جديدة على بعض نواحيه.

6-   أن تكون المشكلة على قياس الباحث أي بقدر طاقته على العمل من ناحية ظروفه الخاصة، أو إمكاناته الفكرية والمادية واللغات التي يتقنها، والمدة التي عليه البحث فيها، والعلوم المساعدة التي درسها، والتي هو على استعداد لدراستها، والضرورية للبحث المختار، كما لابد أن تكون منسجمة مع قدرته على الحصول على الأصول الضرورية و التنقل مع الأرشيفات الوطنية والإقليمية والأجنبية.

7-   أن تكون الأصول على المشكلة المنتقاة قادرة على تقديم ما يوضحها ويفسرها من وفرة وفيما تتضمنه من معلومات موثقة، إذ أن المصادر قد تعوز بعض القضايا التاريخية بالرغم من أهميتها.

8-   يؤكد معظم المؤرخين على ضرورة كون الموضوع المنتقى يكون بعيدا عن ما لا يقل 50 سنة من زمن الباحث، والهدف من ذلك إبعاد الباحث عن التأثيرات الشخصية التي تعيق تقويمه للأمور تقويما صحيحا وموضوعياً. فبعد الباحث عن زمن الموضوع يجعله أكثر هدوءاً واتزاناً وعقلانية، بل وحرية في نقد الحوادث والتمحيص فيها وفهم معطياتها.


Last modified: Sunday, 7 December 2025, 9:34 PM