إن الهدف من البحث التاريخي، هو صنع معرفة علمية عن الماضي الإنساني، ونعني بالعلمية، أنها تستند إلى طرائقية عقلانية توصل إلى الحقيقة بقدر ما تسمح الظروف التقنية ( طبيعة الوثائق المستخدمة ) والظروف المنطقية ( تلك التي تحللها نظرية المعرفة ). إن الخطوة الأولى في أي بحث تاريخي هو اختيار الباحث موضوعا يود استكشاف نواحيه ودراسته، أو بتعبير أدق طرح المشكلة. فهذه الخطوة هي تطلق إشارة في العمل التاريخي الجاد وتوجيهه. وتحدد منطقته. و الباحث الأصيل هو الذي يختار المشكلة الحقيقية. أو يعرف كيف يسأل الماضي ليجيبه عن مسألة تكون بالنسبة له ولنا. أهمية واقعية، وقيمة وجودية، وتتجاوب مع واقع قائم في المحيط المدروس. إن تقدم المعرفة العلمية التاريخية لا يتم بتكديس المعلومات فقط، أو في جمع أكبر كمية من المصنفات المزودة بالتاريخ التي تجيب عن مسائل متشابهة مع من سبقها فحسب بل أن المعرفة التاريخية هي في الثورات والحركات الفكرية التي تتولد عندنا تظهر مدرسة جديدة من المؤرخين، تحمل دروس جديدة، وعلى طرح مشكلات جديدة وعلى البحث في الماضي عن مجموعة أخرى من القضايا المختلفة تماما عن السابقة. وأن النمو الحديث للتاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ذو معنى هام في هذا المنحنى. النقطة الهامة التي يجب إبرازها في هذا المجال، أنه ليس لدى المؤرخ قائمة نموذجية من المشكلات، يحملها معه ويطرحها مهما كانت المشكلة الزمنية أو المكان المدروس.
Last modified: Sunday, 7 December 2025, 9:40 PM