الســـــــــــــــوي والمرضـــــــــــــــــــي

أولا: مفهوم السواء:

لغة: ورد حسب مصطفى حجازي (2004: 61) في قاموس لسان العرب المحيط في المجلد الثالث للعلامة ابن منظور أن سواء الشيء مثله، أي مساوي له، وسواء الشيء وسطه لاستواء المسافة إليه من الطرفين، والمكان السواء هو المتوسط بين المكانين. واستوى الرجل سواءا: بلغ أشده، أي الذي بلغ الاربعين وبالتالي فالمستوي: هو التام في كلام العرب، أي الذي بلغ الغاية في شبابه وتمام خلقه وعقله. أما في اللغة الانجليزية  تأتي كلمة Normal و Normality والتي تعني تتماشي مع، أو مكون لمعيار مقبول أو نموذج أو نمط، وخصوصا مواز لمتوسط مجموعة عرضية سواء في النمط أو الهيئة أو الوظيفة أو الإيجاز أو النمو، إنه معيار طبيعي انتظامي معتاد وبالتالي الحالة العادية أو الدرجة أو الكمية العادية المتماشية مع نمط عام أو معياري، وبالتالي القاعدة أو القانون ذي الإطار الأكثر انتظاما، وذلك على عكس الانحارف أو الاختلاف عن الإطار أو المعيار، وعليه تصبح كلمة Normality الحالة العادية الواقعية، أو خاصية كون الشيء عاديا من حيث الانتظام والشيوع.

اصطلاحا: إن مفهوم السواء اصطلاحا يمشي الى حد بعيد مع مصطلح الصحة النفسية فيمكن تعريفه على أنه: "الخلو من الاضطرابات والامراض والمشكلات النفسية"

 كما يمكن تعريفه على أنه  " كل ما هو متوسط ​​لمجموعة معينة من الأشخاص ("المتوسط"). فيعتبر السواء أو العادي كل ما لم يخرج عن القاعدة في الوسط الأجتماعي لمجموعة ما والذين لم يحيدوا بشكل كبير عن مقياس الميل المركزي (المتوسط، الوسيط، المعيار)

لذلك، فإن المصطلح يشمل أعضاء المجموعة الذين لا يحيدون بشكل كبير عن مقاييس الميل المركزي (المتوسط​​الوسيط،أوالنمط) لتوزيع معين. فمصطلح"السواء" هو مصطلح إحصائي وكمي بشكل بعيد. في الاختبار والقياس ، على سبيل المثال ، يمكن تعريف "السوي" على أنه يتمركز في وسط مجموعة من العلامات (التكرارات) في وسط تجميع أكبر. في اختبار الذكاء مثلا، يتم تحديد المعدل الطبيعي لمجموعة كبيرة ويكون "السوي"​​،هو المتوسط​​الذي يتم تحديده على أنه معدل حاصل ذكاء العادي والذي يبلغ حوالي 100QI.

ومع ذلك ، في العديد من السياقات ، مصطلح سوي هو مصطلح شخصي يصعب تحديده. في حالة عدم وجود معايير ثابتة ، غالبًا ما يتم تعريف الحالات السوية وغير السوية من حيث بعضها البعض. ومع ذلك ، فبدلاً من الاقتران البسيط بين الأضداد ، يتم اعتبارهم عمومًا كنقاط على استمرارية التكيف الاجتماعي، حيث يمتلك الأشخاص الأسوياء سمات إيجابية معينة بدرجة أكبر، بينما يتميز الأشخاص غير الأسوياء بأوجه قصور في هذه الصفات. بعض الصفات التي تساعد على تحديد الحياة النفسية السوية هي إدراك فعال للواقع؛ المعرفة الذاتية؛ التحكم الذاتي؛ القدرة على تشكيل علاقات؛ احترام الذات؛ والإنتاجية.

إن فكرة تعريف الحياة السوية من حيث التكيف الاجتماعي لها مغالطات، حيث يجادلون بأن هذا التعريف يضع الكثير من التركيز على المطابقة والقليل جدًا من سمات مثل الفردية والإبداع(Bonnie R. Strickland, 2001 :1).

يعرفه حامد عبد السلام زهران (2005: 10) السوية هي القدرة على توافق الفرد مع نفسه ومع بيئته والشعور بالسعادة وتحديد أهدافهمع تبني فلسفة سليمة للحياة يسعى لتحقيقها والسلوك السوي هو السلوك العادي أي المألوف والغالب على حياة غالبية الناس. والشخص السوي هو الشخص الذي يتطابق سلوكه مع سلوك الشخص العادي في تفكيره ومشاعره ونشاطه ويكون سعيدا ومتوافقا شخصيا وانفعاليا واجتماعيا.

ثانيا:اللاسواء (الشذوذ) َAbnormality:

اللاسوية هي الانحراف عما هو عادي والشذوذ عما هو سوي. واللاسوية حالة مرضية فيها خطر على الفرد نفسه أو على المجتمع تتطلب التدخل لحماية الفرد وحماية المجتمع منه. والشخص اللاسوي هو الشخص الذي ينحرف سلوكه عن سلوك الشخص العادي في تفكيره ومشاعره ونشاطه ويكون غير سعيد وغير متوافق شخصيا وانفعاليا واجتماعيا  (حامد عبد السلام زهران 2005: 11).

ثالثا: السلوك المرضي (السلوك اللاسوي):

السلوك المرضي أو اللاسوي أو الشاذ هو عكس السلوك العادي أو السوي وفي حين تم اقتراح العديد من تعاريف للسلوك المرضي على مر السنين، لم يتم الاتفاق على أي منها على المستوى العالمي (Boysen ، 2007). ومع ذلك ، فإن معظم التعريفات لها سمات معينة مشتركة، وغالبًا ما تسمى "الأربعة دي إس": الانحراف عن المعايير والمشقة الشخصية (الالم) والخلل الوظيفي والخطر. أي أن أنماط السلوك الشاذ تكون عادة منحرفة (مختلفة ، متطرفة ، غير عادية ، وربما غريبة) ، مؤلمة (محزنة، غير سارة ومزعجة للشخص)، مختلة وظيفية (تتداخل مع قدرة الشخص على القيام بأنشطة يومية بطريقة بناءة)، وربما خطيرة (اذاء الذات، الاخر أو الانتحار). توفر هذه المعايير نقطة انطلاق مفيدة لاستكشاف ظاهرة السلوك المرضي (Ronald J Comer &W H Freeman, 2009).

رابعا: مفهوم الاضطراب النفسي (العقلي):

يواجه المتخصصون في مجال علم النفس المرضي مهمة صعبة ولكنها ضرورية وهي تعريف الاضطراب العقلي، ويُعدأفضل تعريف له هو الذي يحتوي على خصائص متعدد، والذي طرحه الدليل التشخيصي الأمريكي الخامس في مايو 2013، والمعروف "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الطبعة الخامسة وهو يشتمل على عدد من الخصائص أو السمات الأساسية لمفهوم الاضطراب العقلي (Stein et al, 2010) وهي:

·       الاضطراب يحدث داخل الفرد.

·       يشمل الاضطراب صعوبات إكلينيكية ملحوظة في التفكير، والمشاعر، والسلوك.

·       يحتوي كذلك على اختلالات في العمليات التي تدعم الوظيفة العقلية.

·       لاتمثل استجابة ثقافية مقبولة لحدث ما مثال على ذلك، وفاةشخص عزيز

·       ليس بالضرورة ناتج أولي عن الانحراف الاجتماعي أو الصراع مع المجتمع (Ann M. Kring et al, 2016 :28).

خامسا: معايير السواء واللاسواء:

1- المعيار الذاتي: حيث يتخذالفرد من ذاته إطارا مرجعا يعود إليه للحكم على السلوك بالسوية واللاسوية وبالتالي يعتبر هذا المعيار معيارا غير موضوعي لأنه منطلق من حكم ذاتي على الذات والآخرين وبالتالي الاخذ به غير شائع في التصنيفات الحالية.

2- المعيار الاجتماعي: حيث يتخذ من مسايرة المعايير الاجتماعية أساسا للحكم على السلوك بالسواء من عدمه. فالسوي هو المتوافق اجتماعيا واللاسوي هو غير المتوافق اجتماعيا.

3- المعيار الإحصائي: حيث يتخذ المتوسط أو الوسيط أو المنوال أو ما يقرب منه، واللاسوي هي الانحرافات عن هذا المتوسط بالزيادة أو النقصان

4- المعيار المثالي: حيث يعتبر السواءهو المثالية والكمال أو ما يقرب منه، واللاسواء الانحراف عن المثل الأعلى والكمال، وبالتالي يعتبر هذا المعيار معيارا متطلب فالبشر من سماتهم عدم الكمال والوصول إلى المثالية ضرب من الخيال (حامد عبد السلام زهران 2005: 11).

 

 

سادسا: المحددات الأربعة للسلوك المرضي:

1- الانحراف: وباختصار، فإن السلوك والأفكار والعواطف تعتبر غير طبيعية عندما تختلف بشكل ملحوظ عن أفكار المجتمع حول حسن سيرها. ويضع كل مجتمع قواعد واضحة وقواعد ضمنية للسلوك السليم، يعتبر السلوك الذي ينتهك القواعد القانونية سلوكًا انحرافيًا. كما يعتبر السلوك والأفكار والعواطف التي تنتهك معايير الأداء النفسي غير طبيعية. تختلف الأحكام عن الانحراف من مجتمع إلى آخر من خلال الثقافة والتاريخ والقيم والمؤسسات والعادات والمهارات والتكنولوجيا والفنون،فإن المجتمع الذي يقدر المنافسة والتأكيد يمكن أن يقبل السلوك العدواني، في حين أنه غير مقبول وحتى غير طبيعي في مجتمع آخر. يمكن أن تتغير قيم المجتمع أيضًا بمرور الوقت، مما يتسبب في تغيير وجهات نظره بشكل غير طبيعي من الناحية النفسية (Ronald J Comer &W H Freeman, 2009 :1-2).

2- العجز:هو قصور في أحد جوانب الحياة المهمة مثلا لعمل أو العلاقات الشخصية يستخدم أيضًا لوصف الاضطراب العقلي. فعلى سبيل المثال الاضطرابات المرتبطة بتناول الأدوية والمخدرات تُعرف جزئيًا من خلال العجز الاجتماعي أو المهني كالشجار مع الزوجة، أو ضعف الأداء في العمل الناتج من سوء تناول المواد النفسية. كذلك الرفض من جانب الأقران. كما تؤدي مشاعر الخوف المرضي إلى الفشل، فخوف شخص يعيش في كاليفورنيا من الطيران قد يمنعه من الالتحاق بوظيفة في نيويورك. وعلى أي حال فإن العجز بمفرده لايمكن استخدامه لتعريف الشذوذ. وذلك لأن بعض الاضطرابات وليس كلها، تنطوي على نوع من أنواع العجر(Ann M. Kring et al, 2016 :30)

3- الخلل الوظيفي: يحدث الخلل الوظيفي عندما تتعطل أحد الميكانيزمات الداخلية و تصبح غير قادرة على أداء وظيفتها الطبيعية، بمعنىأنها تصبح غير قادرة على أداء الوظيفة التي يجب عليها أن تؤديها (Ann M. Kring et al , 2016 :31).

4- المعاناة أو المشقة النفسية:تعتبر المشقة الشخصية إحدى السماتأو الخصائص التي يتم استخدامها لتعريفالاضطراب العقلي؛ بمعنى أن سلوك الفرد يتم تصنيفه على أنه مضطرب إذا تتسبب له في حدوث مشقة كبرى أو معاناة (Ann M. Kring et al , 2016 :29)

5- الخطر: قد يشكل السلوك المختل وظيفيا خطرا على الذات أو على الآخرين. فالأفراد الذين يكون سلوكهم مهملًا باستمرار أو معاديًا أو عدوانيا أو عنيفا قد يؤدي بهم إلى خطر وشيك بتهديد حياتهم أو حياة الآخرين.

 

Modifié le: vendredi 24 octobre 2025, 11:52