نظرية الحتمية التكنولوجية:

انطلقت نظرية الحتمية التكنولوجية (ماكلوهان) من أفكار الفلاسفة الغربيين كآدم سميث وجون ستيوارت ميل ونيتشه لأنها ترتكز على القوة الاقتصادية والصناعية التي عرفتها أوروبا في عصر النهضة الصناعية في القرن الثامن عشر إذ يعزي كل تغيير اجتماعي إلى القوة المادية وسطوة الآلة .[1]

قدم هذه النظرية مارشال ماكلوهان في ستينات القرن الماضي، وهي عبارة عن تصورات نظرية لتطور وسائل الاتصال وتأثيراتها على المجتمعات الحديثة، إذ يرى أن تطور المجتمعات المعاصرة مرده إلى تطور تكنولوجيا الاتصال، وعرفت هذه النظرية رواجا منقطع النظير منذ نشر أفكار ماكلوهان، وأصبحت منطلقا لكثير من الأبحاث في الإعلام والاتصال في جميع أنحاء العالم.

بدأ العلماء والباحثون في مجال الاتصال الاهتمام بكتابات ماكلوهان بثمانينات القرن العشرين لأنه من أوائل كتاب الحداثة الذين يرون أن المجتمع أصبح مجتمع معلومات تتولى قيادته أجهزة الحاسوب والالكترونيات، هذه التكنولوجيا أحدثت ثورة في شتى مناحي الحياة بما فيها العمل والاقتصاد والسياسة والثقافة والفن، وكذا أفكار ماكلوهان المستحدثة والجريئة إذ يرى أن كل تغيير حاصل في المجتمعات الإنسانية مرده إلى قوة الوسيلة التكنولوجية والاتصالية .

وقد عرض ماكلوهان أفكار نظريته أول مرة سنة 1962 في كتابه مجرة غتنبرغ، وتعتبر نظرية الحتمية التكنولوجية من النظريات المادية التي اهتمت بتأثير تكنولوجيا وسائل الإعلام على شعور وتفكير وسلوك الأفراد وعلى التطور التاريخي للمجتمعات، ويرى أن مضمون وسائل الإعلام لا ينظر إليه مستقلا عن تكنولوجيا وسائل الإعلام نفسها، فطبيعة وسائل الإعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل الأفراد والمجتمعات أكثر مما يشكلها مضمون الاتصال، لذلك يفترض في نظريته أن تكنولوجيا الاتصال تكبل حرية الإنسان الذي يصبح تابعا لها.[2]

فروض نظرية ماكلوهان:[3]

ü    وسائل الاتصال هي امتداد لحواس الإنسان :يرى أن الناس يتكيفون مع ظروف البيئة في كل عصر من خلال استخدام حواس معينة ذات صلة بنوع الوسيلة وطريقة عرضها، حيث يقسم ماكلوهان تطور الاتصال إلى مرحلة الكتابة، ثم مرحلة الطباعة، وبعدها مراحل الوسائل الالكترونية .

ü    الوسيلة هي الرسالة: بمعنى أن طبيعة كل وسيلة وليس مضمونها هو الأساس في تشكيل المجتمعات على أساس لكل وسيلة جمهورها الخاص الذي يفيد ما عرضته الوسيلة وخصائصها ومميزاتها.

ü    وسائل الاتصال فيها على حد تعبيره الساخنة والباردة: فالأولى ساخنة تقليدية سهلة يتلقى فيها المتلقي المضمون بطريقة جاهزة لا تحتاج منه إلى جهد تخيل مثل الإذاعة، الطباعة، السنما..أما الباردة هي الوسائل الالكترونية التي تستغرق جهدا ووقتا وفرصة للتخيل مثل تلفزيون انترنت.

ü    ويمكن القول أن هذا التطور التكنولوجي هو نتاج تفاعل ثلاث مجالات هي:

-      مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية.

-      مجال السمعيات والبصريات.

-      مجال المعلوماتية.



[1]  ياسين قرناني :بين مارشال ماكلوهان وعزي عبد الرحمن قراءة تحليلية لنظرية الحتمية التكنولوجية والحتمية القيمية، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة عمار ثليجي الاغواط ،المجلد 8، العدد 1، 2014، ص 66.

 

[2] ياسين قرناني :بين مارشال ماكلوهان وعزي عبد الرحمن قراءة تحليلية لنظرية الحتمية التكنولوجية والحتمية القيمية، نفس المرجع السابق، ص 67.

[3]  نصير بوعلي: الإعلام والقيم، دار الهدى، الجزائر، 2005، ص 47.

Modifié le: mardi 22 avril 2025, 10:26