نظرية لولب الصمت(دوامة الصمت) :[1]
تعريف بصاحبة النظرية اليزابيت نويلة – نويمان لم يعرف تاريخ الصحافة والإعلام امرأة كان لها مثل هذا التأثير على مسار علم الإعلام والاتصال الجماهيري، امرأة أثارة كل هذا الكم من الجدل الفكري والنظري والتجريبي في مجالات علم الاتصال والاجتماع والسياسة، مثل الباحثة والمنظرة الألمانية المعاصرة (إليزابيت نويلة – نويمان) التي شكلت في السبعينيات من القرن المنصرم نظريتها المعروفة ب(دوامة الصمت) أو (لولب الصمت) والتي قدمتها في كتاب صدر في العام 1980 بعنوان (دوامة الصمت – الرأي العام باعتباره جلدنا الاجتماعي)
-بدأت إليزابيث نويله- نويمان بتشكيل نظريتها في السبعينيات من القرن المنصرم، حيث دعت إلى اعتبار التلفزيون من أهم وسائل الاتصال الجماهيري في تأثيره على الجمهور المستقبل وبالتالي في تشكيل الرأي العام [2]
جوهر هذه النظرية قائم على الافتراض الأساس الذي يؤكد بأن وسائل الإعلام حين تتبنى آراء أو اتجاهات معينة، وخلال فترة محددة من الزمن، فأن القسم الأكبر من الجمهور سوف يتحرك في الاتجاه الذي تدعمه وسائل الإعلام لما لها من قوة وتأثير على الجمهور، وبالتالي يتشكل الرأي بما يتناسق وينسجم في معظم الأحيان مع الأفكار التي تدعمها وسائل الاتصال، لاسيما التلفزيون فهي تؤكد بأن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري بشكل عام تنحاز أحيانا إلى جانب إحدى القضايا أو الشخصيات، بحيث يؤدي ذلك إلى تأييد القسم الأكبر من الجمهور للاتجاه الذي تتبناه وسائل الإعلام، وذلك بحثا عن التوافق الاجتماعي. أما الأفراد المعارضين لهذه القضية أو تلك الشخصية فأنهم يتخذون موقف (الصمت) تجنبا لاضطهاد الجماعة الكبيرة المؤيدة، أو خوفا من العزلة الاجتماعية، وبالتالي فإنهم إذا كانوا يؤمنون بآراء مخالفة لما تعرضه وسائل الإعلام، فإنهم يحجبون آرائهم الشخصية، ويكونوا أقل رغبة في التحدث عن هذه الآراء مع الآخرين، أما الذين لديهم آراء منسجمة مع ما تبثه وسائل الإعلام فإنهم يكونوا أكثر نشاطا وجرأة في الإعلان عن هذه الآراء والتحدث بشأنها للحصول على القبول الاجتماعي.
وتقترح (نويله- نويمان) مجموعة مناهج في البحث تجمع بين المقاييس الميدانية والمسحية للجمهور وللقائمين بالاتصال، من اجل معرفة قوة وتأثير وسائل الإعلام، فضلا عن استخدام منهج تحليل المضمون ،لقد طورت إليزابيث نويله- نويمان نظريتها اعتمادا على البحوث التجريبية التي قامت بها أثناء عملها على هذه النظرية، وقد رصدت ثلاثة متغيرات أساسية تساهم وتزيد من قوة تأثير وسائل الإعلام وهي:[3]
1. التأثير التراكمي من خلال التكرار: حيث تقوم وسائل الإعلام بتقديم رسائل إعلامية متشابهة ومتكررة حول قضية ما أو موضوع ما أو شخصية محددة بحيث يؤدي هذا العرض التراكمي إلى التأثير على المتلقي على المدى البعيد ، دون إرادة منه، شاء أم أبى، ومهما كانت قوة حصانة المتلقي ضد الرسالة الإعلامية.
. 2_التسيير اللاإرادي للمتلقي والتأثير الشامل عليه: ومعناه: إن وسائل الإعلام تسيطر على الإنسان وتحاصره في كل مكان، في الشارع، ومكان العمل، والبيت، وتهيمن على بيئة المعلومات المتاحة له، وعلى مصادر المعلومات، مما ينتج عنه تأثيرات شاملة على الفرد يصعب عليه الخلاص منها، بحيث تشكل دون إرادة منه، كل نظرته ورأيه للعالم والأشياء.
. 3_التجانس والهيمنة الإعلامية: وهذا يعني بأن القائمين على الاتصال والعاملين في الوسط الإعلامي يقدمون رسائلهم الإعلامية انسجاما مع موقف أصحاب المؤسسات الإعلامية التي يعملون فيها، والتي هي بدورها تقوم انسجاما واتفاقا مع أصحاب المصالح الكبرى في توجيه الرأي العام للجمهور، بحيث يؤدي ذلك إلى تشابه توجهاتهم وتشابه المنطق الأخلاقي للعمل الإعلامي الذي يقومون به، ويؤدي ذلك إلى تشابه الرسائل الإعلامية التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة، مما يزيد من قوة تأثيرها على المتلقي
كل هذه العوامل تؤدي كما ترى اليزابيت نويله – نويمان إلى تقليل فرصة الفرد المتلقي في أن يكون لنفسه رأيا مستقلا حول القضايا المثارة، وبالتالي تزداد فرصة وسائل الإعلام في تكوين الأفكار والاتجاهات المؤثرة في الرأي العام وترى نويله – نويمان أن هناك عوامل عديدة تجعل الناس يحرصون على إبداء وجهات نظرهم والمشاركة بآرائهم، منها:[4]
1_إبداء الرأي يمنح المرء إحساسا بالانتماء إلى رأي الأغلبية، بينما حينما يكون للفرد رأي مخالف فأنه يصمت
2_يميل المرء إلى التخاطب مع من يتفقون معه بالآراء أكثر مع يختلفون معه
3_تقدير المرء لذاته يدفعه إلى إبداء رأيه
4_يميل الأفراد إلى إبداء آرائهم عندما يشعرون أنهم أكبر عددا ويمثلون الأغلبية، وأحيانا تشجعهم القوانين على ذلك
بينما في غير هذه الحالات سوف يميل الفرد لالتزام الصمت، ويزداد هذا الصمت كلما ازداد الضغط لصالح رأي الأغلبية
وفي الأنظمة الدكتاتورية، يزداد هذا الصمت ليس بسبب وجود الأغلبية، وإنما لوجود الدولة وأجهزتها القمعية
[1] برهان شاوي: نظرية لولب الصمت أو دوامة الصمت،انظر الرابط https://gasriya.blogspot.com/2010/11/blog-post_09.html تاريخ التصفح 05/10/2024 ساعة 16:44
[2] برهان شاوي: نظرية لولب الصمت أو دوامة الصمت، نفس المرجع السابق
[3] حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد: الاتصال ونظرياته المعاصرة، المرجع نفسه، ص 280.
[4] برهان شاوي: نظرية لولب الصمت أو دوامة الصمت، نفس المرجع السابق.