محاضرة (03): النظريات المفسرة للمشكلات الاجتماعية
تمهيد:
1/- البنائية الوظيفية: اعتبرت البنائية الوظيفية المجتمع الحديث نسقا عاما يشمل مجموعة من النظم الاجتماعية و الثقافية المرتبطة بطبيعة الافعال الاجتماعي التي تكرس من أجل خدمة الانسان ، وقضاء حاجاته الاساسية، كما أن عملية اتمام هذه الخدمات تتطلب درجة عالية من ترابط المشاعر و القيم و الاخلاقيات المشتركة التي تحدث نوع من التضامن الاجتماعي.
وتؤكد هذه النظرية على أن المجتمع في ظل الظروف المثالية يميل إلى التوازن و الاستقرار، حيث تنتظم عناصره المختلفة في نعومة ويسر من أجل تحقيق هذا الاستقرار، ويرى أنصار الوظيفية أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى تزعزع هذا التوازن والاستقرار الاجتماعي، الذي ينتج عنه مشكلات اجتماعية وتتمثل هذه الأسباب في:
لأن أجزاء المجتمع تتميز بالترابط فإن أي تغير في جزء منها يستتبع بالضرورة تغيرا في الأجزاء الأخرى، وهذا التغير في حد ذاته لا يسبب مشكلات اجتماعية طالما أنه يحدث ببطء، ولكن عندما يتعرض المجتمع لحالة من التغير السريع والمفاجئ، فإن المجتمع يفقد توازنه ،لأن تنظيمات المجتمع لم يتح لها الوقت الكافي لتستجيب بصورة ملائمة وبالتالي يصاب المجتمع بالاضطراب أو ما يسمى بالخلل الوظيفي. فقد تظهر المشكلات الاجتماعية عندما يفشل الأفراد في الامتثال لقيم المجتمع المتفق عليها.
2/- نظرية المعوقات الوظيفية: حاول ميرتون وضع اسس التحليل و المصادر الاجتماعية للانحراف ، وانطلق من تحليل البنية الاجتماعية، محاولا اكتشاف الكيفية التي تدفع بعض الفراد إلى السلوك المنحرف.
حيث أكد ميرتون أن مصدر الانحراف يرد إلى البناء الاجتماعي ،و أن البناء الاجتماعي يولد الانحراف عندما يحدث انفصال بين الأهداف المحددة ثقافيا و الوسائل المجازة اجتماعيا (أساليب السلوك) من أجل انجاز هذه الأهداف، فالأهداف المحددة ثقافيا للنجاح هي التي يتم انجازها بواسطة العمل الشاق و الانجاز العلمي غير أن هذه الوسائل ليست متوافرة على أساس متساوي أمام الجميع .
عليه يرى ميرتون أن انتهاك المعايير سوف يبدو من الأمور الطبيعية لبعض أفراد أو جماعات المجتمع فكل مجتمع يتضمن مجموعة محددة من الأهداف الثقافية والوسائل الاجتماعية المشروعة لتحقيق هذه الأهداف وفي كل مجتمع يوجد أفراد أو جماعات تعجز عن تحقيق هذه الأهداف والتساؤل الذي حاول "میرتون" الإجابة عليه: هو كيف يسلك الأفراد عندما يواجهون الأهداف الثقافية المشروعة بوسائل غير متاحة أو في أفضل الأحوال عاجزة عن تحقيق هذه الأهداف؟ و يطرح" میرتون" للإجابة على هذا التساؤل ما أطلق عليه أنماط التكيف إزاء ما يسود المجتمع من تناقض بين الأهداف الثقافية والوسائل الاجتماعية.
و يطرح ميرتون خمسة أنماط من الاستجابة هي تتمثل في:
ü نمط الاستجابة التوافقية.
ü نمط الاستجابة الابتكارية.
ü نمط الاستجابة الشعائرية.
ü نمط الاستجابة الانسحابية.
ü نمط الاستجابة التمردية.
3/- نظرية الصراع:
ويمكن تلخيص أفكار الرئيسية المتعلقة بالصراع كما يلي:
ü يتكون المجتمع من فئات عديدة و جماعات تختلف أهدافها و قيمها عن بعضها البعض.
ü هذه الفئات و الجماعات تواصل اهتماماتها بالتنافس مع الفئات الاخرى حينما تحاول أن تحقق أهدافها.
ü ينشأ الصراع غالبا من مثل هذه المنافسات حينما تناضل كل جماعة أو فئة للوصول إلى أهدافها.
ü أن الصراع الطبقي يكشف حقيقة و واقع التناقض الذي يعيشه المجتمع الرأسمالي و طبقاته المختلفة.
ü إن جملة التناقضات و الصراع و النسق الايديولوجي في المجتمع الرأسمالي ممكن أن يكون مصدر لهدم النظام.
التحليل الصراعي للمشكلات الاجتماعية. يعتمد على المسلمات الآتية:
- یتكون المجتمع من جماعات مختلفة ذات مصالح و قيم متباينة.
- إن أي جهد أو فعل لحل المشكلات الاجتماعية يتضمن محاولات من جانب الجماعات المقهورة لإحداث تغيرات لانتزاع حقوقها من هؤلاء الذين يحتلون مراكز القوة.
4/-النظرية التفاعلية الرمزية:
يكن تلخيص أهم الأفكار الأساسية لنظرية التفاعل الرمزي كما يلي:
ü المجتمع في جوهره نظام له معاني مشتركة،
ü يستخدم أفراد المجتمع معاني مشتركة لتفسير كل الحقائق الاجتماعية و الطبيعية .
ü تقوم القوى الاجتماعية التي تعمل على تضامن الأفراد أو تفككهم على مجموعة من الأفكار و المعتقدات التي لديهم عن أنفسهم .
ü يسترشد السلوك الفردي في مواقف محددة بالعلاقات التي تعطى لهذه المواقف و المعاني التي تثيرها.
5/- نظرية اللامعيارية :
فاللامعيارية عند دوركايم تعني انهيار المعايير الاجتماعية المسؤولة عن تنظيم العلاقات بين الأفراد في ظل المجتمع الواحد. فاللامعيارية تشير إلى غياب القيم والمعايير الاجتماعية المتحكمة في السلوك الاجتماعي للأفراد، فالفرد في ظل الوضع لا يفرق بين المشروع وغير المشروع وبذلك ينحرف الأفراد مشبعين حاجاتهم دون قيد أخلاقي.
وعليه فإن نظرية دوركايم تقوم على فرضيتين هما:
Ø كلما زاد التماثل بين أعضاء الجماعة زاد تماسكهم معا.
Ø كلما قوي التماسك في الجماعة زادت مقاومتها للسلوك المنحرف.
و عليه فسبب المشكلة الاجتماعية يرجع إلى وجود أفراد وجماعات تصر على ان تسلك سلوكا ينحرف على المعايير و القيم السائدة ،وبالتالي يستند سلوكهم على معايير خاصة تتعارض مع التوقعات السائدة في المجتمع عن السلوك السوي.