( یمكننا رصد الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخد ا رت كالآتي: ( 1

- ضعف الوازع الدیني: إن عدم وجود تنشئة دینیة منذ الصغر للأبناء وحثهم ومتابعتهم على

الالت ا زم بالتعالیم الإسلامیة، سیكون لها الأثرُ في بناء شخصیةٍ غیر متزنة مضطربة تعاني

من القلق والوساوس والاضط ا ربات فعندها یسهل علیها الانقیاد والتعاطي لأي مؤثر من قبل

الأشخاص المتعاطین، مما یح رفها عن طریق الحق والخیر إلى طریق الفساد والضلال.

فضلاً عن الفهم الخاطئ للتعالیم الدینیة في سلوك الم ا رهقین، إذ لوحظ أنهم أكثر انقیاداً إلى

من یدفعهم باسم الدین إلى سلوكٍ معین یتضمن خروجاً على قواعد المجتمع، ولذلك یمكن

القول أن كلاً من الفهم الدیني الخاطئ، أو نقص التوجیه الدیني یعتبر من أهم الأسباب

الدافعة إلى تعاطي المخد ا رت.

- رفاق السوء : یشكل رفاق السوء أحد المتغی ا رت المرتبطة بانتشار ظاهرة تعاطي المخد ا رت

حیثُ أظهرت العدید من الد ا رسات التي أجریت في كثیر من بلدان العالم إلى أن رفاق السوء

لهم دو ا رً كبی ا رً وم ؤث ا رً في دفع بعضهم البعض لتعاطي المخدر، كما اتضح من معظم تلك

الد ا رسات أن رفاق السوء یشكلون المرتبة الأولى وبنسب مرتفعة في دفع الأف ا رد لتعاطي

المخد ا رت، مما یؤكد أن رفاق السوء وصحبتهم تعتبر من العوامل الرئیسیة في زیادة أعداد

المتعاطین والإقبال على المخد ا رت و زیادة انتشارها.

- الشعور بالف ا رغ : إن عدم استثمار الف ا رغ بشكلٍ مجدٍ وفعال یصبحُ مفسدةً من قبل الإف ا رد

خاصةً إذا تلازم وقت الف ا رغ مع عدم توفرِ الأماكن الصالحةِ التي تمتصُ طاقة الشباب

كالنوادي والمتنزهات، فعندها ینبغي تعلیم هؤلاء الأف ا رد البدائل المختلفة للاستمتاع بوقتِ

ف ا رغهم دون اللجوء إلى المخد ا رت، مثل: الریاضة، الموسیقى، الهوایات المختلفة، بما یعود

بالنفع علیهم وعلى مجتمعهم، فالنمو والتقدم یعتمدُ على المستوى الفكري الذي یعیش فیه

الإف ا رد.

- 1 - سعد العربي: ظاهرة تعاطي المخد ا رت- تعریفها ن تاریخها - الندوة الدولیة العربیة حول ظاهرة تعاطي المخد ا رت، 4

183 - 10 ماي 1996 ، ص ص 182

8

والمسك ا رت في سبیل تحقیق المتعة ال ا زئفة مما یؤدي في نهایة المطاف إلى ارتكاب الجریمة.

- السهر خارج المنزل : قد یفسر البعض الحریة تفسیر خاطئ على أنها الحریة المطلقة

حتى ولو كانت تضر بهم أو بالآخرین، ومن هذا المنطلق یقوم البعض بالسهر خارج المنزل

حتى أوقات متأخرة من اللیل، وغالباً ما یكون في أحد الأماكن التي تشجع على السكرِ

والمخد ا رت وخلافه من المحرمات.

- السفر إلى الخارج : یعدّ السفر خارج البلاد ملاذاً للأف ا رد خاصةً فئة الشباب، حیثُ لا

توجد م ا رقبة أو متابعة لهم في غالبیة الأحیان من أسرهم مما یجعلهم یفكرون في تناول

العقاقیر والارتیاد إلى آماكن اللهو وتناول جرعاتٍ كبیرة من المنبهات والمواد المخدرة بدون

أيّ مساءلة أو محاسبة من أي جهةٍ ما.

- المشكلات الاجتماعیة: هناك العدید من الهموم والمشكلات الاجتماعیة لا یقوى أف ا ردها

على تحملها، فیلجأ البعضُ منهم إلى تناول بعضاً من العقاقیر والمواد المخدرة آملاً في

الهروب من الواقع المعاش، وتغییرٍ فعلي في حیاته النفسیة، لكن خطورة مثل هذه الحالات

ربما تعدّ أكثر فتكاً من أي سببٍ آخر حیثُ أنها تضاعف من حالته النفسیة، وتجعله مدمناً

ومستهلكاً لها باستم ا رر، من شأنها أن تحدث أض ا ررً بالغةً لیس فقط على جسده فحسب، بل

تضاعف من همومه ومشاكله الاجتماعیة.

- أسباب تعود إلى الأسرة:

تعتبرُ الأسرة الخلیة الأولى في المجتمع، وهي التي ینطلقُ منها الفردُ إلى العالم الذي

حوله بتربیة معینة وعاداتٍ وتقالید اكتسبها من الأسرة التي تربها فیها، لذا یبقى الحرصُ

علیها شدیداً والاهتمام بسلامتها هدفاً یبتغى، لأن الطفل الذي یعیش في أسرةً رصینةٍ

متماسكة یبقى وثیق العرى، رصیناً أمام كل المغریات والانح ا رفات السلوكیة.

وقد أظهرت نتائج تعاطي المخد ا رت أن تغلغل الاستق ا رر في جوّ الأسرة، متمثلاً في

انخفاض مستوى الوفاق بین الوالدین، وتأزم الخلافات بینهما إلى درجةٍ من الهجرِ والطلاق،

یولد أحیاناً شعو ا رً غالباً لدى الفرد بعدم اهتمام والدیه به. ومن الأسباب التي تعود للأسرة

وتساهم في تعاطي المخد ا رت:

9

- القدوة السیئة من قبل الوالدین: یعتبرُ هذا العامل من أهم العوامل التي تدفعُ بالشباب إلى

تعاطي المخد ا رت، ویرجع إلى ذلك التصرفات المخجلة من قبل الوالدین أمام أبنائهم، وما

یسببه ذلك من صدمةٍ نفسیة عنیفة للأبناء تدفعهم إلى محاولة تقلیدهم فیما یقومون به من

تصرفاتٍ سیئة.

- إدمان أحد الوالدین: یشكلُ تعاطي المخد ا رت أو الإدمان علیها في محیط الأسرة مشكلة

خطیرة تهدد حیاة الأسرة وأمنها واستق ا ررها، حیثُ أن تعاطي الأب للمخد ا رت یسبب مشاكل

وتحدیات اجتماعیة واقتصادیة وقیمیة تواجه جمیع أف ا رد الأسرة مجتمعین ومنفردین، وتنعكس

سلبیاً على مقومات تماسكها وت ا ربطها وتآلفها، وفي حالة تعاطي الأم للمخد ا رت تصبح

الصورة أكثر غموضا وتشویشا أمام الأبناء،حیثُ یصبح الوضع في هذه الحالة مأساویاً

ومزریاً سلوكاً وتعاملاً،لأن تقلید سلوك الأم ومحاكاتها في تصرفاتها أقرب عند الأطفال من

غیرهم، وأكثر قبولاً واستساغةً وممارسة .

انشغال الوالدین عن الأبناء: إن انشغال أحد الوالدین عن تربیتهما لأبنائهما خاصةً في

م ا رحل زمنیة مبكرة بدوافع السفر للخارج، او تحقیق العائد المادي فلن یجلب لهما سوى

الضیاع والوقوع في مهاوى الإدمان، وما یترتبُ على ذلك من أض ا ررٍ جسیمةٍ تلحق بالأبناء

كالإدمان، والانهیار الخلقُي وغیرها من المشكلات النفسیة التي تلحق بهما نتیجة غیاب

التنشئة السلیمة لهما من قبل والدیهما. فضلاً عن حالات غیاب الأم عن البیت لفت ا رت

متباینة قصیرة أو طویلة، فإن الأطفال في هذه الحالة لا یجدون سوى الشارع لقضاء

أوقاتهم،دون تمییزٍ بما یحمله أمثالهم وغیرهم من قیمٍ وسل وكیاتٍ سلبیة تصبحُ السمة الغالبة

فیهم یمارسونها عن قصد أو غیر قصد

كثرة تناول الوالدین للأدویة والعقاقیر: إن تعاطي المخد ا رت والإدمان علیها بشكلٍ مستمر

من قبل الوالدین أمام الأبناء بصورةٍ علنیة، وتوفرها في المنزل على م أ رى الأبناء صغا ا رً

وكبا ا رً تخلقُ لدیهم شعو ا رً إیجابیاً نحو تعاطیها،وتتولد لدیهم قناعاتٍ بعدم ضررها، ویغرس في

نفوسهم مفهوماً بإباحیتها وعدم تحریمها، لأن التجربة ماثلةً أمامهم توحي بأن التصرفات التي

یقوم بها أحد أعضاء الأسرة صحیحة ولا یشوبها أيّ لغطٍ أو ضررٍ، وبالتالي تصبح شرعیة

تناول الأبناء العقاقیر والمواد المخدرة أم ا رً مباحاً لا یستوجب العقاب أو التوبیخ من قبل

10

الوالدین ما دامت الأسرة تتصرف بهذا الشكل فلا ضیر على الأبناء أن یقوموا بهذا الفعل

أمام أسرتهم أو في مكان آخر.

- القسوة ال ا زئدة على الأبناء: یعتمدُ هذا الأسلوب على استعمال عبا ا رت قاسیةٍ جداً من

الوعید والترهیب والتأنیب والص ا رخ، وقد یكون هذا الأسلوب معتمداً على القهر الجسدي من

ضربٍ وتعذیبٍ، وٕاساءة مادیة، ویحدث ذلك أحیاناً عندما یفشل الكلام اللفظي في الوصول

إلى الهدف. وهذا الأسلوب في التربیة یخلقُ في الأبناء النفور والهروب من الواقع المعاش،

ویؤول بهم إلى الشعور بالنقص والارتباك، مما یسهل انقیادهم إلى الانح ا رف والدفع بهم إلى

طریق الفساد وتعاطي المخد ا رت.

- أسباب تعود إلى المجتمع:

وجود بعض أماكن اللهو في بعض المجتمعات:- تحرصُ بعض المجتمعات على أن

تكون أماكن اللهو مناطق ترفیهیة یزورها أف ا رد المجتمع للترویح عن أنفسهم من ضغوط

الحیاة وتعقیداتها المستمرة، لكن یحرصُ بعض القائمین علیها أحیاناً إلى تش ویها عبر إدخال

المسك ا رت وبعض العقاقیر المخدرة بهدف تحقیق أكبر قدرٍ ممكن من الإرباح الطائلة على

حساب توفیر ال ا رحة النفسیة للبشر، فضلاً عن استغلالهم بشتى الوسائل والطرق تحت ذ ا رئع

وهمیة وحجج لاستطیع العقل البشري تحملها أو استیعابها، فمن یریدُ أن یفسد عقول البشر

والاتجار بهم فهو لا یسعى إلى توفیر ال ا رحة لهم.

العمالة الأجنبیة وتعاطي المخد ا رت:- أدى استقدام الأیدي العاملة الأجنبیة خاصةً من

مختلف البلدان الآسیویة إلى دول الخلیج خلال السنوات العشر الأخیرة إلى جلب العدید من

السلوكیات المنحرفة كان أبرزها عادة تعاطي المخد ا رت بمختلف أنواعها وأسالیبها.

أظهرت نتائج الد ا رسة التي آج ا رها الباحث محمد العتیبي بعنوان :” دور العمالة الوافدة في

ترویج المخد ا رت من وجهة نظر العاملین في الإدارة العامة لمكافحة المخد ا رت” إلى أن

أكثر الجنسیات من العمالةِ الوافدة ترویجاً للمخد ا رت هي الجنسیات الباكستانیة، والأفغانیة،

والسوریة، والیمنیة، إضافة إلى بعض الطرق والأسالیب التي اعتمدت علیها العمالة الوافدة

في ترویجها للمخد ا رت كإخفاء المواد المخدرة في آماكن آمنة، وتجنید بعض ضعاف النفوس

لمساعدتهم في بیعها وترویجها، فضلاً عن استئجار الشقق واستعمالها كأوكار لبیع وترویج

المخد ا رت.

11

- وسائل الاتصال: نقصد بوسائل الاتصال العامة، تلك الوسائل التي تساعد الإنسان على

الاتصال بالعالم الخارجي المحیط سواء كان هذا العالم محلیاً أو قومیاً أو عالمیاً، ولعل أهم

هذه الوسائل هي المطبوعات بشكلٍ عام وتتضمن المجلات والكتب، ثم وسائل الإعلام

المسموعة والمرئیة كالإذاعة والتلفزیون والسینما والفیدیو.

یرى العدید من الباحثین أن بعض وسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزیون والسینما، قد تؤدي

أحیاناً من خلال ما تقدم أو تعرض من أفلامٍ أو مسلسلاتٍ إلى الانخ ا رط في دائرة الإدمان،

وخاصةً تلك الأفلام التي یركز مضمونها على تعاطي المخد ا رت أو على الاتجار فیها أكثر

من التركیز على إب ا رز الجوانب السلبیة التي غالباً ما یقوم بها شخصیةً أو شخصیاتٍ لها

جماهیریة لدى المشاهد، فضلاً عن نوعیة الأفلام والمسلسلات التي تسرف في إظهار حیاة

الرفاهیة والبذخ على حساب القیم والأخلاق ممّا یخلق تناقضاً بین تطلعات الشباب وعدم

توافر الوسائل اللازمة التي تمكنهم من تحقیق هذه التطلعات، بما یؤدي إلى تمرد الشباب

ومیلهم إلى العدوانیة والعنف وأخی ا ر الإدمان.

لا ننسى الإعلانات المعروضة على وسائل الإعلام مثل: التلفاز، وغیرها من وسائل الإعلام

التي ساهمت بشكلٍ أو بأخر في تشجیع الاتجاهات نحو تعاطي المخد ا رت كالإعلان عن

الكحول، من أجل تحقیق الأهداف المعروضة من و ا رء طرح الإعلان إلا وهي هدم العنصر

الأساسي من عناصر القوة والتنمیة إلا وهي الشباب.

- المدرسة: تعتبر المدرسة مؤسسه تربویة اجتماعیة، لكنها قد تفشل في تحقیق وظائفها،

وقد یرجع ذلك إلى عوامل متعددة قد ترجع إلى الحدث أو ترجع إلى المدرسة أو ترجع إلى

الاثنین معاً، إلا أن سوء معاملة المدرسین وقسوتهم، قد تجعلُ من المدرسة مثی ا رً شرطیاً للألم

والعقاب، ویجد الطفلُ في الهروب من المدرسة الوسیلة المناسبة لخفض التوتر والقلق،

وتصبح المدرسة في هذه الحالة أقل جاذبیة لبعض التلامیذ، الذین یجدون في البیئة الخارجیة

للمدرسة أكثر أمتاعاً لتحقیق رغباتهم، فیهربون من المدرسة إلى المناطق الجاذبة، مما یسهل

تعرضهم للانح ا رف خاصةً إذا اجتمعوا مع أصدقاء السوء بالمدرسة وخارجها. والمدرسة

كمؤسسة اجتماعیة لا تعمل وحدها، ولكنها جزءٌ من الثقافة العامة للمجتمع الذي تعملُ فیه،

12

ظروفها هي ظروف ذلك المجتمع، فإن هي وجدت في مجتمعٍ جانح متفكك، وفي أحیاء

فاسدة، فإنها بلا شك لا تجد من حولها من یحمیها من أثر هذه الظروف الاجتماعیة غیر

الملائمة، وبالتالي فهي أعجز من أن تحمي أطفالها من التعرض إلى تلك الأنماط السلوكیة

Modifié le: mercredi 30 avril 2025, 21:09