يطرح الكثير من الباحثين أن الاتصال مصاحب لكل أفعال الإنسان سواء كان الفعل لفظي
أو غير لفظي، فالإنسان لا يستطيع أن لا يتصل، وهو لا يجد للاتصال بديلا، وتحت هذا
المنظور يقع المكان، فقد طرح الكثير من الباحثين خاصة الأنتربولوجيين فكرة الاتصال غير
اللفظي وهذا ما سنحاول التركيز عليه ولكن بعد أن نعرف الاتصال غير اللفظي، ثم أنواعه .
يعد التواصل عملية يتفاعل بمقتضاها متلقي ومرسل الرسالة في مضامين اجتماعية معينة تحتاج
إلى استخدام اللغة اللفظية وغير اللفظية، وحتى يكون الاتصال فعالا يجب أن يكون هناك قدرة على
الجمع بين الاتصال اللفظي وغير اللفظي، حيث يكمل كل واحد منهما الآخر، بحيث يتطابق
الاتصال اللفظي مع الاتصال غير اللفظي، كتطابق لغة الجسد مع الكلام الشفهي، ومن هنا فإن
اللغة اللفظية تمثل نظريا نصف لغة التخاطب كون اللغة اللفظية سهلة ومباشرة ولا تحتاج في
الاتصال العادي إلى إعداد مسبق، ولا تعتمد أيضا على مها ا رت مثل إنتاج الصور والرسوم والرم وز
الأخرى غير اللفظية لأنها تحتل مساحة من الاتصال الإنساني.
40
وترتبط كل لغة من اللغتين بحاسة من الحواس، حيث ترتبط اللغة اللفظية بحاسة السمع وغير
اللفظية بحاسة البصر ولكي تكون اللغة اللفظية مؤثرة فإن مها ا رت معينة تتطلب أن تقدم وبأساليب
متنوعة كالتوضيح بالأمثلة، الشرح، التفسير، مها ا رت التحدث والنطق، ومهارة الاستماع، ومهارة
الق ا رءة والكتابة.
1/مفهوم الاتصال اللفظي:
يتميز هذا النوع باستعمال اللغة الملفوظة والمنطوقة كانت أو مكتوبة، ففي حالة المنطوقة يشكل
الاستعمال والكلام العنصر الإنساني في العملية التواصلية فيما تشكل الق ا رءة والكتابة مهارتين
أساسيتين في الحالة الثانية.
وفي كلتا الحالتين على طرفي العملية التواصلية إتقان هذه المها ا رت وهذا لإنجاح التواصل )مهارة
الكلام، مهارة الاستماع، مهارة الق ا رءة والكتابة(.
وهو الاتصال الذي يتم عبر الكلمات والألفاظ بحيث ينقل الرسالة الصوتية من فم المرسل
إلى أذن المستقبل، والاتصال اللفظي له معنى واسع من المدلولات حيث تلعب اللغة المستخدمة
ودرجة الصوت ومخارج الحروف دو ا ر كبي ا ر في إضافة معاني أخرى للرسالة.
ويع رف الاتصال اللفظي على أنه : تبادل اللغة المنطوقة بين أط ا رف الاتصال للوصول
إلى أكبر عدد من الفهم المشترك للمعنى الذي تثيره الألفاظ لدى أط ا رف الاتصال، ويظهر الاتصال
في: الحوار والنقاشات التعليم والتعلم الإعلام المرئي والمسموع، وحتى يكون الاتصال اللفظي - –
فعالا لابد من امتلاك أط ا رف الاتصال لمها ا رت الاتصال اللفظي مثل صياغة الأفكار والتفكير بما
41
ستقوله قبل التحدث، واستخدام أسماء وألقاب مناسبة، والحرص على الات ا زن في نبرة الصوت ونطق
مخارج الحروف بطريقة صحيحة وواضحة والتحكم في الانفعالات واحت ا رم وجهة نظر الآخر وعدم
امتلاك هذه المها ا رت يعيق عملية الاتصال اللفظي.
وللاتصال اللفظي أربع مقومات أساسية هي:
وضوح الصوت. -
التك ا رر. -
المجاملة والتشجيع والتجاوب. -
التغذية ال ا رجحة. -
بما أنه اتصالا لفظيا فيكون عن طريق لغة منطوقة وتعتبر اللغة معطى اجتماعي ومنظومة
ثابتة متحركة، تدوم ألفاظها ويتبدّل مجازُها ) ا رموزها – Code أو شيفرتها( بالكلام
الذي هو "اختيار حر" 1 ، فإذا كانت اللغة تكتفي عادة بالمعنى المعجمي، فإن الكلام يُحيل إلى
المعنى الاجتماعي للاستعمال اللغوي ، هذا الاستعمال الذي يُحيي الألفاظ ويُميتها، أي يخرجها
من إطار التداول الفردي والاجتماعي . 2
1 جاكوبسون وهالة، أساسيات اللغة، تعريب سعيد الغانمي، بيروت، م ث ف، 2008
2 جان ف ا رنسوا ماركيه، م ا ريا الهوية، تعريب كميل داغر، بيروت، المنظمة العربية للترجمة
)توزيع مركز د ا رسات الوحدة العربية(، 2005 .
42
وهنا يحتاج المتكلم، حتى يوصل منظوقاته واشا ا رته أو مرسلاته، ويتواصل بشكل عادي مع
غيره بلهجته أو بلغته الخاصة إلى ثلاثة آلاف كلمة وما فوق ، وهنا تتكوَّن بؤرة أولية للاتصال
اللساني الاجتماعي 1 وبقدر ما يتلابس المعنى واللامعنى، في التواصل الاجتماعي، يفرض
التأويل الرمزي نفسه لإ ا زلة سوء الفهم، وتالياً سوء التفاهم، إذ المطلوب في الاتصال االعادي
إفهام المُخاطب موضوع الكلام )الرسالة( والتأثير فيه سلباً أو إيجاب اً.
إن كلمات اللغة تتبدل بتبدل الاشياء المدلول عليها، وتختلف دالاتها باختلاف لهجات
مستعمليها: اللهجة الج ا زئرية ، المصرية، الشامية، الخليجية، الع ا رقية، اليمنية، السودانية،
الصومالية، المغاربية، البدوية/المدنية، الريفية الحضرية، الرجالية/النسائية، الطفليّة/الشبابية
وغيرها.
اذا اعتمدنا مقياساً ثلاثياً للغة الاجتماعية )عادية، ثقافية )إشارية( وجليلة رفيعة(، نجد أن
كلمات اللسان خاصة العربي التي يفوق عددها الخمسة ملايين )معجمياً( لا يُستعمل منها
في الكلام العادي سوى بضع مئات أو ألوف، فيما يحتاج الكاتب، صاحب اللغة الجميلة، لغة
العبارة، الى اكثر من 40 ألف كلمة، ويحتاج المتخصص في تعبيره الجليل، الاشاري والرمزي،
العلمي الثقافي بامتياز، إلى لغة خاصة به )لغة مهنته واختصاصه( يرتبط عدد كلماته بمجال
اختصاصه )مثلا، لغة الإعلام الآلي(، ومن هنا فالمجتمعات العلمية التي تنتج التكنولوجيا
وتضع لها كلماتها، وهي بالطبع أكثر تعقيداً في لغات المجتمعات غير العلمية التي ترى