تنطلق محاضرتنا من جملة اسئلة رئيسية:
- كيف كان مشهد الطباعة ودور النشر في الجزائر ابان فترة الاحتلال الفرنسي؟
- كيف كان مسار الكتابة والكتب والمكتبات في الجزائر ابان فترة الاحتلال الفرنسي؟
- كيف واجه الاحتلال مسار الكتابة الجزائرية ؟ ودور النشر؟
عمد الاستعمار الفرنسي منذ دخوله إلى الجزائر في عام 1830 إلى احتكار المطابع وحركة الطباعة والنشر، ففي عام 1832ظهرت أول مطبعة رسمية باللغتين الفرنسية والعربية، تستخدم الحروف الأبجدية القديمة، لخدمة الأهداف الاستعمارية الهدامة للدين واللغة العربية، وتعليم المستعمرين لغة الجزائريين حتى يتمكنوا من التواصل معهم، وإصدار النشريات والجرائد لتضليل الوعي الوطني وتزييف الحقائق والدعاية إلى المشاريع الاستعمارية، إضافة إلى إصدار الكتب والمعاجم.
حالة دور النشر والطباعة ابان فترة الاحتلال الفرنسي:
اولا لابد من الاشارة الى المعنى الاصطلاحي للنشر، حيث يقصد به توصيل الرسالة الفكرية التي يبدعها المؤلف الى الجمهور، (مستهلك الرسالة).
كما يقصد بالنشر بأنه مجموعة من العمليات التي تبدأ بالحصول على المحتوى الفكري من المؤلف وتنتهي باتاحة العمل للجمهور.
أما الطباعة، فهي تعني تلك العملية الميكانيكية لانتاج العمل الفكري، عبر استخدام الحبر والضغط على الورق والقوالب والالواح والحروف لاحداث الطبع.
المسار التاريخي لدور النشر والطباعة ابان فترة الاحتلال:
عقب دخول المحتل الفرنسي للاراضي الجزائرية كما اشرنا سابقا، سارع لاصدار نشرية l’estafette de sidi ferradje التي اصدرها الجينرال ديبرمون، (اشرف على عملية الطباعة اربعة موظفين) وقد شملت مجال المطبوعات الرسمية من تقارير واخبار قادة الجيش، كما تناولت ايضا وصف مناطق الجزائر وسكانها من عادات وتقاليد غرضها خدمة لجيش المحتل عبر تعريفه بالمناطق وخصائصها.
اشهر المطابع التي اسسها المحتل:
لقد امتازت المطابع التي اسسها المحتل بعدم اكتفائها بطباعة المناشير والاعلانات والجرائد بل ايضا الكتب المدرسية والقواميس التي تدعم اللغة الفرنسية، واشهر هاته المطابع:
1.مطبعة مورقات بالبليدة: للمؤسسها المعمر الفرنسي الكسندر مورغان سنة 1857 عملت على طباعة الكتب المدرسية بلسان عربي (مزيج بين اللهجة الجزائرية واللغة الفصحى وكلمات تركية قديمة)
2.مطبعة فونتانا: اسست في الجزائر العاصمة عان 1895 من طرف بيير فونتانا، اشتهرت بطباعتها مؤلفات لرجال الاصلاح والمثقفين الجزائريين.
3.المطبعة السلطانية الحكومية: عرفت بطباعتها لأمهات الكتب (مثل تاريخ الدولة الاسلامية، العبر، ديوان المبتدأ والخبر...)
المطابع العربية المؤسسة اثناء فترة الاحتلال: نذكر اشهرها:
1.مطبعة الثعالبية:
اسسها الاخوان قدور ومراد رودوسي الذان اشتغلا في تجارة الكتب وبيعها، تخصصا في طباعة الكتب الاسلامية والمصحف الشريف.
2. مطبعة الشيخ ابو اليقضان:
اسسها ابو اليقضان بمساعدة محي الدين الخطيب وسماها المطبعة العربية، تعد منبرا للفكر الاصلاحي والقومي، طبعت العديد من الجرائد (الامة)
3.المطبعة الجزائرية الاسلامية:
سميت ايضا بالمطبعة الحجرية، انشلأها مجموعة من المثقفين 1925 بقسنطينة، يعد خليل بن محمد ابن القشي اول من اقترح على ابن باديس تأسيس مطبعة لنشر مقالاته الاصلاحية، قدمت اولى منشوراتها في نفس السنة، تعرضت لضغوطات مالية وسياسية كثيرة ادت الى اغلاقهااحيانا واحايين اخرى الى عملها السري الى غاية اغلاقها النهائي سنة 1957.
4.مطبعة المغرب العربي:
اسست من طرف الشيخ بوكوشة عام 1937 في وهران وكانت تطبع باللغتين العربية والفرنسية.
ب. دور النشر:
عرفت الجزائر حلقة من النشر الضعيفة الى غاية الاستقلال، وبقي مسار النشر يتعافى ببطؤ رغم مواكبته بجملة من التشريعات والرؤى التي عملت على ترقية النشر وتوزيع الكتاب.