وسائل الاعلام والاتصال التقليدية ابان فترة الاحتلال
وسائل الاعلام والاتصال التقليدية ابان فترة الاحتلال الفرنسي (الاذاعة والتلفزيون، السينما، المسرح) 1830-1962
- الاذاعة:
لمحة تاريخية موجزة:
لقد انشئت اول محطة اذاعية في الجزائر سنة 1925 من طرف بعض الشركات الفرنسية للترويج لمبيعاتها، غير انه وجب الاشارة الى ان اول اذاعة حقيقية كانت سنة 1929 خاضعة للحاكم العام، وجاءت للدعاية للاحتفالات المئوية بالاحتلال التي نظمتها الحكومة الفرنسية.
لتليها بعد عشر سنوات (جويلية 1929) اصدر مرسوم يهيكل البث الاذاعي الفرنسي في الجزائر في ادارة مستقلة اطلق عليها البث الاذاعي الوطني. بعد سنة من ذلك، اصبح هناك محطتين واحدة ناطقة باللغة العربية والاخرى بالفرنسية، وفي نفس الحقبة اقيمت محطة اخرى في وهران (1943) ناطقة باللغة العربية،في سنة 1945 ادمجت الاذاعة الفرنسية بالاذاعة الجزائرية يشرف عليها الحاكم العام (متكونة من اعضاء: 03 مسلمين، 06 لهم اهتمامات بالشؤون الاذاعية، 06 يمثلون موظفي الاذاعة) ثم تلتها محطات على التوالي عنابة (1945)، تلمسان (1946)، محطة ناطقة باللغة الامازيغية (1950).
مراحل تطور الاذاعة:
مرت بثلاث مراحل اساسية:
أولا.المرحلة الاولى 1925- 1940: الاذاعة كانت موجهة الى الاقلية الاستيطانية، تخاطبهم باللغة الفرنسية ، غير انه سجلت لها برامج قوية ابان فترة الاحتفال بمئوية الاحتلال.
ثانيا. المرحلة الثانية 1946-1954: امتازت بازدواجية الخطاب، حيث اتبعت فرنسا ايديولوجية دعائية للترويج لثقافتها وتحبيب السكان الاصليين بها، من خلال بث برامج متنوعة ثقافية ترفيهية...
ثالثا. المرحلة 1954-1962: تميزت بتكثيف الدعاية الفرنسية المضللة للرأي العام والمشوهة للعمل الثوري.
استفادة الثورة التحريرية من العمل الاذاعي:
استفادت الثورة التحريرية من الدعم الاعلامي العربي لايصال صوت الجزائريين اقليميا ودوليا، منها استوديو اذاعة صوت العرب (1952)، ثم استحداث ركن المغرب العربي الاسبوعي، وكان بيان اول نوفمبر قد تم اذاعته من طرف ممثل جبهة التحرير الوطني " الثورة تنفجر في الجزائ" عبر اثير استوديو اذاعة صوت العرب، التي خصصت لاحقا برنامجا عقب تأسيس الحكومة المؤقتة 1958 بعنوان صوت الجمهورية الجزائرية.
هذا بالاضافة الى مجموعة من البرامج، عملت جبهة التحرير الوطني على بثهامن مدن مغاربية منها هنا صوت الجزائر المجاهدة الشقيقة الذي كان يبث من تونس 1955.
بالإضافة إلى إذاعات تطوان و طنجة و وجدة و والقاهرة و طرابلس و وبن غازي وكذلك باقي الدول العربية، كبغداد ودمشق وغيرهما.
الاذاعة الثورية: مرت بمرحلتين:
1.مرحلة الاذاعة المتنقلة
لقد ركز مؤتمر الصومام 20 اوت 1956 على ضرورة الاسراع في انشاء اذاعة جزائرية تحمل القضية وتنشرها الى العالم، وهذا ماساهم في انشاء اذاعة سرية متنقلة (صوت الجزائر الحرة المكافحة)في 16/12/1956 ناطقة باللغات العربية، الامازيغية، الفرنسية. مدة البث ساعتين ليلا من الحدود المغربية، الشاحنة تتنقل باستمرار لتفادي القصف الفرنسي،
2. مرحلة الاذاعة الثابتة
بدأت في 12/07/1959، حيث تميزت هاته الفترة بتحسن البث الاذاعي واعادة الهيكلة المادية والبشرية للإذاعة، كما تم الاعتماد على شبكة برامجية مدروسة ودائمة.كما اعتمدت على اصوات قوية متحكمة في اللغة العربية (امثال عيسى مسعودي)
- اذاعة الولاية الثالثة التاريخية بقيادة سي عمروش" صوت الجزائر المجاهدة من قلب الجزائر" 20/08/1958
2. التلفزيون
عرفت الجزائر البث التلفزيوني منذ منتصف الخمسينات ، بالضبط في 24 ديسمبر 1956 بتأسيس المحطة التلفزيونية بالجزائر العاصمة من طرف الاستعمار الفرنسي بعد أن أدرك هذا الاخير مدى أهمية الصورة التلفزيونية في تلميع صورته أمام الرأي العام الدولي ببث فقرات تلفزيونية عن الوضع في الجزائر بأعين فرنسية. كما يتضمن برامج تلفزيونية إخبارية عن فرنسا وما يحدث فيهامن مختلف النشاطات السياسية والإقتصادية والثقافية والرياضية . بتنصيب فرنسا الإستعمارية محطة للبث التلفزيوني في الجزائر عام 1956 يكون ذلك، أول بث تلفزيوني في الوطن العربي، إلى جانب العراق التي عرفت التلفزيون في نفس السنة، أي بعد حوالي 11 سنة من اذاعة برامج اخبارية بفرنسا في 24/03/1945 ). فالتلفزة في الجزائر في عهد الاحتلال كانت في الغالب حكرا على الفرنسيين من المعمرين وأعوانهم من العملاء ، فقد كانت تبث برامجها عبر محط ةإرسال تتواجد برأس تمنتفوث "ماتيفو" على بعد 20 كلم عن مدينة الجزائر" وكانت قوة الجهاز تقدر بـ 03 كيلواط في البداية ثم وصلت إلى 20 كيلواط سنة 1957. ولم تكن تشاهد إلا في مدينةالجزائر وضواحيها القريبة، ببث تلفزي لا يتجاوز 31 ساعة في الاسبوع باللغتين العربية والفرنسية.
وقد أشارت الإحصائيات الفرنسية انه مع حلول العام 1960 ان عدد أجهزة التلفزيون في الجزائر قد تضاعف وسط المعمرين الفرنسيين والاوربيين مرتين مقارنة بما وصل إليه بين الجزائريين .
أنجزت فرنسا خلال العهد الاستعماري أزيد من 200 فيلم تلفزيوني بالمغرب العربي ، كلها لا تتلاءم والتقاليد الاجتماعية ، لذلك لا يجد الجزائري أمامه إزاء هذا الاعلام المزيف سوى اللجوء إلى أسلوب الانغلاق والتقوقع على النفس حتى لا يجد الاستعمار مدخلا للنيل من شخصيته الوطنية.
3. السينما:
لقد مرت السينما في الجزائر بمراحل عديدة، كانت وسيلة اتصال، وتعبير، توثيق ونضال
سينما الاحتلال:
تميزت باتجاه ايديولوجي سلبي اتجاه الشعب الجزائري، حيث نقلت صورة نمطية سلبية (المسلم الغبي) وروجت لثقافة الاحتلال وسياساته، اين قام الفرنسي فليكس مسغيش في بداية سنة 1896 بتصوير مشاهد من الجزائر العاصمة ووهران وعرضها على المعمرين، هذا بالاضافة الى بعض عروض الافلام ببطء حيث لم تسجل اسماء رواد في هذا المجال الا بنسبة قليلة.
لم تنشأ في الجزائر دور عرض سينمائية الى غاية 1908، حيث وصل عددها الى سبعة دور سنة 1914.
مرت الاتجاهات السينمائية الاستعمارية بثلاث تيارات:
1.الفيلم الغرائبي: تصور الجزائري على انه كائن غريب يثير الفضول،
2. الفيلم التحقيري: باعتبار الجزائريين غير قادرين على التفكير وهم حفنة من الاغبياء، والاوربي ذو شخصية متقدمة ومتنورة،
3. الفيلم الدعائي: اين تم تأسيس مصلحة البث السينماتوغرافي سنة 1943 وكذا المصلحة الجزائرية للسينما تعمل كلها ضمن ايديولوجية الحرب النفسية لإبراز قوة المحتل العسكرية.
اشهر الافلام السينمائية ابان هاته الفترة: فيلم المسلم المضحك، بالاضافة الى بعض الافلام الوثائقية منها القصبة 1957، الظهرة 1957، السلام في الجزائر 1958 (كلها باللغة الفرنسية)
2. السينما الجزائرية النضالية:
تأسيس المدرسة السينمائية الجزائرية 1957: جاءت في اطار الدعاية المضادة، تسعى الى تحطيم الصورة النمطية التي صنعتها السينما الفرنسية عن قوة الجيش المحتل، كما جاءت توثيقية واقعية لمسار الثورة التحريرية من خلال تجسيد معاناة الشعب وايصال صوته لتقرير مصيره عالميا.من ابرز الاعمال في هاته الحقبة نجد: ممرضات جيش التحرير، الهجوم على مناجم ونزة، اللاجؤون ..
تجدر الاشارة الى ان السينما في فترة الاحتلال، عرفت انتاجا سينمائيا من طرف فرنسيين متضامنين مع الثورة التحريرية كاعمال رونييه فوتييه (فيلم الجزائر امة عام 1955) وكذا بعض المخرجين العرب كالعمل الذي اشرف على اخراجه يوسف شاهين 1958 جميلة الجزائر.