نظرية الاشباعات والاستخدامات:

ترجع بداية الاهتمام بدراسة الإشباعات المتحققة للجمهور من استخدام وسائل الإعلام إلى الأربعينيات، ومن هذه الدراسات:

 دراسة (هرتزوج Herzog) 1942 حول الإشباعات المتحققة من الاستماع إلى المسلسلات  الصباحية، ودراسة بيرلسون (Berelson1949) حول وظائف قراءة الصحف ،  وقد استطاع ( إلياهو كاتز Katz) 1959 أن يطور مدخل الاستخدامات والإشباعات من خلال تحويل مسار أهداف بحوث الإعلام من معرفة التأثيرات الإقناعية لوسائل الإعلام إلى ماذا يفعل الجمهور بوسائل الإعلام، وجاء أول تطبيق عملي لمدخل الاستخدامات والإشباعات في الدراسات الإعلامية على يد (ريموند باير Raymond Bauer) في الستينيات، وذلك في مقالته العلمية المنشورة عام 1964 في مجلة (The American Psychologist) بعنوان الجمهور العنيد (The Obstinate Audience)، وكانت فكرته الجديدة– آنذاك– تتمثل في أن جماهير وسائل الإعلام نشيطة ومتوجهة نحو الهدف في سلوكهم لاستخدام وسائل الإعلام، وعارض (باير Bauer) بذلك مفهوم التأثيرات المباشرة المقبولة– آنذاك– وعرض لفكرة أن الناس تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية، ومحتواها لإشباع رغبات معينة لديهم. مع بداية هذه المرحلة الزمنية في تاريخ مدخل الاستخدامات والإشباعات وتطوره قدم الباحثون إسهامات أكاديمية متنوعة أضافت لدراسات الاستخدامات والإشباعات تراكمات علمية أسهمت في خصوصيتها وثرائها،[1] ويرى البحث أنه يمكن رصد الملامح العامة لتطور دراسات الاستخدامات والإشباعات كما يلي:

 المرحلة الوصفية: هذه المرحلة بدأت في الأربعينيات من القرن العشرين، وامتدت خلال الأربعينيات والخمسينات، واهتمت بتقديم وصف لاتجاهات الجماعات المختلفة لجمهور وسائل الاتصال فيما يتعلق بانتقاء مضمون محدد يتعرضون له، وكان من أشهر دراسات هذه المرحلة دراسة (هيرتزوج) عام 1942.

المرحلة الاستكشافية: وامتدت هذه المرحلة خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وهى مرحلة ذات توجه ميداني؛ حيث كانت تركز على المتغيرات النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى نمط مختلف من استخدامات وسائل الإعلام, ومن أشهر دراسات هذه المرحلة دراسات (إلياهو كاتز) 1959, ودراسات (بيرلسون) 1959, ودراسات (ريموند باير) 1964.

المرحلة التفسيرية: وهى مرحلة النضج، وكان التركيز فيها على الإشباعات المتحققة نتيجة التعرض لوسائل الاتصال، وتميزت دراسات هذه المرحلة بإعداد قوائم عن الإشباعات المتحققة من العملية الاتصالية، وقد امتدت هذه المرحلة منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، وحتى الآن، ومن أشهر دراسات هذه المرحلة دراسات (ماك كومبوس) 1977, ودراسات كلٍّ من: (Joseph Conway & Alan Robin).[2]

ماهية الاستخدامات والاشباعات:

نظرية الاستخدامات والإشباعات مدخل يوضح ويفسر– إلى حد كبير – الدور الحقيقى للجمهور في العملية الاتصالية، وذلك من خلال النظرة إليه على أنه جمهور نشط، ويتمثل نشاطه قبل وبعد وأثناء التعرض؛ حيث يختار الجمهور- قبل التعرض– المحتوى الذي يفي بحاجاته، ويحقق له إشباعات معينة، وأثناء التعرض فإن الجمهور يهتم برسائل معينة ويدركها، ويميز بين ما هو مهم وما هو أقل أهمية، وبعد التعرض فإن الجمهور ينتقي استرجاع المعلومات التي تعرض له, وبمعنى آخر فإن الجمهور له غاية محددة من تعرضه لوسائل الإعلام، ويسعى إلى تحقيق هذه الغاية من خلال التعرض الاختياري الذي تمليه عليه حاجاته ورغباته.[3]

وتقوم نظرية الاستخدامات والإشباعات على الفروض التالية:

جمهور المتلقين هو جمهور نشط، واستخدامه لوسائل الإعلام هو استخدام موجه لتحقيق أهداف معينة. يمتلك أعضاء الجمهور المبادرة في تحقيق العلاقة بين إشباع الحاجات واختيار وسائل معينة يرى أنها تشبع حاجاته.

تنافس وسائل الإعلام مصادر أخرى لإشباع الحاجات. - الجمهور وحده هو القادر على تحديد الصورة الحقيقية لاستخدام وسائل الإعلام.

الجمهور نفسه هو الذي يحدد الأحكام حول قيمة العلاقة بين الحاجات والاستخدام.

الأفراد يستخدمون وسائل الإعلام لحل مشاكلهم فيما يتعلق بالبحث عن المعلومات والاتصال الاجتماعي والتعلم الاجتماعي والتطور، يختار الأفراد من مضمون وسائل الإعلام ما يتناسب مع احتياجاتهم سواء كان متعلقة بالمعلومات الأساسية أو التسلية أو التعلم



[1]  ممدوح شتلة، حنان كامل: استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية وعلاقته بالمشاركة السياسية،دورية إعلام الشرق الأوسط، العدد 11، 2015، ص 5.

[2]  ممدوح شتلة، حنان كامل: استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية وعلاقته بالمشاركة السياسية، نفس المرجع، ص 6.

[3]  سعود البشر محمود: مقدمة في الاتصال السياسي، مكتبة العبيكان للنشر، الرياض ، 1997، ص 47.

Modifié le: mardi 22 avril 2025, 10:11